وذلك أن ما فيه الألف واللام لفظه لفظ المفرد ، وهو معرفة فصار التعريف فيه بالألف واللام كالتعريف بالقصد مع (يا) ، ألا ترى أن قولك : يا رجل ، إذا قصدت قصده فجرى في التعريف مجرى ما فيه الألف واللام بمنزلة المفرد المعرفة العلم ، ولو عطفت على الأول أعني الذي فيه الألف واللام لم يجز فيه إلا الضم ، ووجب أن يختار ما يشاكله وهو الرفع ، وأما من اختار النصب [فقد](١) جعل الألف واللام مقام التنوين والإضافة ، فلو كان الاسم مضافا أتوا (٢) بالنصب فكذلك ما قام (٣) مقامهما فوجب لهما النصب وهذه العلّة فيها إدخال ، وذلك أن التقدير لو كان صحيحا لوجب النصب في النعت إذ كانت فيه الألف واللام ولم يجز رفعه كما يجوز رفع المضاف ، فلما كانت الألف واللام في النعت لم توجب نصبه علمنا أنهما لا يجعلان الاسم كالمضاف ، وإذا كان كذلك جرى ما فيه الألف واللام مجرى المفرد العلم المعرفة ، فكان الأولى فيه أن يكون مرفوعا ليشاكل لفظ ما قبله.
واعلم أن ما فيه الألف واللام لا يجوز أن تدخل [يا](٤) عليه ؛ إلا اسم الله تعالى (٥) ، وإنما لم يجز ذلك ؛ لأن الألف واللام تعريفهما من جنس تعريف (يا)
__________________
ـ وقال أيضا : " فإن عطفت اسما فيه ألف ولام على مضاف أو منفرد فإن فيه اختلافا.
أما الخليل ، وسيبويه ، والمازني فيختارون الرفع ...
وأما أبو عمرو ، وعيسى بن عمر ، ويونس ، وأبو عمر الجرمي فيختارون النصب ...".
ثم يقول : " والنصب عندي حسن على قراءة الناس ..." المقتضب ٤ / ٢١١ ـ ٢١٣.
ونرى المبرد هنا يضع المازني بين من يختار الرفع ، في حين صنّفه الورّاق بين من يختار النّصب ، وكذلك إذا عدنا إلى شرح المفصل نرى ابن يعيش يؤيد المبرد في مذهب المازني. شرح المفصل ٢ / ٣.
(١) زيادة ليست في الأصل.
(٢) في الأصل : أمنوا.
(٣) في الأصل : مقام.
(٤) زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق.
(٥) قال سيبويه : " واعلم أنه لا يجوز لك أن تنادي اسما فيه الألف واللام البتّة ، إلا أنهم قد قالوا يا الله اغفر لنا ، وذلك من قبل أنه اسم يلزمه الألف واللام لا يفارقانه ، وكثر في كلامهم فصار كأن الألف واللام فيه بمنزلة الألف واللام التي من نفس الكلمة ...". الكتاب ١ / ٣٠٩ (بولاق) ، وشرح المفصل ٢ / ٩ (إدارة الطباعة المنيرية).