النسبة مجرى ساكنين ليس أحدهما حرف مد فوجب قلب (١) الألف إلى حرف يتحرك فيه ليزول الجمع بين ساكنين ، وكانت الواو غالبة على الياء في هذا الباب إذ كنا قد نقلب الياء في إيجاب قلب الألف إذا دخلت عليها ياء النسبة ، وهو أن النسبة أقوى في تغيير الاسم من التثنية إذ كانت قد ثبت لياء النسبة ما ذكرنا من إيجاب التغيير وقد بينا علّة ذلك ، والتثنية ليست بموجبة للتغيير إنما حقها أن تزاد علامتها على لفظ الواحد ، فإذا كانت الألف المقصورة تنقلب في التثنية واوا أو ياء كقولك في قفا : قفوان ، وفي رحى رحيان ، وجب أن تكون ياء النسبة بقلب الألف ، فإذا وجب قلبها كانت الواو أولى لما ذكرنا من العلّة الأولى من غلبة الواو على الياء في باب النسبة ، ولم يجب في التثنية إذ كانت التثنية توجب انتظام ما كان في الواحد فلذلك وجب رد الألف في التثنية إلى أصلها فإن كانت الألف رابعة وكانت أصلية فالوجه فيها أن تجري مجراها في الثلاثي وتقلب واوا كقولهم : ملهى : ملهوي ، وفي مغزى : مغزوي ، وأفعى : أفعوي لأنها لما كانت أصلا جرت مجرى الراء في جعفر ، فهذا القياس وكذلك حكم الألف إذا كانت للإلحاق بمنزلة الأصلي نحو : أرطى ، وعلقى ، تقول : أرطوي وعلقوي ، فإن كانت الألف للتأنيث فالوجه فيها الحذف كقولك : في حبلى حبليّ ، وفي بشرى بشريّ ، وفي دنى دنيّي ، وإنما كان حذفها الوجه من وجهين :
أحدهما : أنها من حيث كانت علامة التأنيث ضارعتها التأنيث فكما يجب حذفها أعني الهاء في النسب فكذلك أيضا يجب حذف ألف التأنيث.
والوجه الثاني : أن ألف التأنيث ساكنة وليست مما أصله الحركة كالألف الأصلية وألف الإلحاق فحذفوها لسكونها وسكون الياء الأولى من النسبة وإن كانت الألف قد يقع بعدها الساكن المدغم لما بينا أن الياء أقوى في تغيير ما
__________________
(١) في الأصل : قبل.