كسروا الباء في بصري ليدلوا [على](١) أن البصرة سميت بهذا الاسم من أجل الحجارة التي يقال لها البصرة ، وجميع ما ذكرنا إذا سميت به رجلا نسبت إليه على القياس الذي يجب له من جهة اللفظ.
واعلم أنك إذا نسبت إلى رجلين وقع النسب إلى أحدهما ليفصل بينه وبين ما وقع اسما لواحد ، وذلك قولك في النسب إلى رجلين : رجلي ، وإلى مسلمين : مسلمي ، قال أبو الحسن : وإنما وجب أن تحذف علامة التثنية والجمع لأنهما ليسا بلازمين للاسم فصار بمنزلة هاء التأنيث وياء النسبة ، وقد بينا مضارعتهما لهاء التأنيث فحذفوا علامة التثنية والجمع لمجيء النسبة كما حذفوا هاء التأنيث لأن من شرط الإعراب أن يقع على ياء النسبة فلم تقو علامة التثنية والجمع فصار في الاسم رفعان ونصبان وجران ، وهذا لا يكون لأن عاملا واحدا لا يحدث في الاسم الواحد إعرابين ، فكانت ياء النسبة ألزم من علامة التثنية والجمع لأن المنسوب يصير مرفوعا بما نسب إليه من بلد أو غير ذلك ، فلذلك صار بقاء ياء النسبة أولى من بقاء علامة التثنية والجمع ، ومع ذلك فلو بقوا علامة التثنية / والجمع لالتبس المنسوب إلى التثنية والجمع بالمنسوب إلى الواحد على لفظ التثنية والجمع ، وكان الحذف من المثنى والمجموع أولى من اسمه ، ذلك لأن الألف والنون إذا صارت مع ما قبلها من الكلمة اسما لواحد لم يجز أن يفارقاه ، لأنه قد صار علما معهما فجريا مجرى أحد حروف الأصل ، فإذا كانت الألف والنون للتثنية لم يكونا لازمين فكان حذف ما لا يلزم أولى من حذف اللازم.
واعلم أنك إذا سميت رجلا برجلين أو مسلمين فالاختيار أيضا حذف علامة التثنية والجمع في النسبة ، ذلك أنّا قد بينا في باب ما لا ينصرف وما ينصرف (٢) أن
__________________
(١) زيادة ليست في الأصل.
(٢) باب ما ينصرف وما لا ينصرف ٢٩٤.