بركات غزوة تبوك :
لقد كان لغزوة تبوك بركات وآثار هامة ، فقد عرف الناس أنه «صلىاللهعليهوآله» يقصد بحركته هذه إرهاب أعظم ملك في ذلك الزمن ، وقد كتب إليه يدعوه إلى الإسلام أو الجزية ، ثم أرسل إليه رسالة دعوة أخرى من بلاد يراها ذلك الطاغية جزءا من مملكته وبلاده بعد أن وطأتها جيوش الإسلام ، وبسط «صلىاللهعليهوآله» نفوذه عليها ، ونشر دعوته ودينه فيها ..
وأصبحت مناطق منها تدين بالولاء لهذا النبي الكريم والعظيم ، وتؤدي له الجزية ..
وفي تبوك فتح الله له دومة الجندل ، وأخذ ملكها. وفيها جاءه أسقف أيلة وهو يحنّة بن رؤبة ، ووفد عليه أهل أذرح ، وسألوه الصلح على الجزية ، ووفد إليه أهل مقنا وغيرهم (١).
وكل ذلك من شأنه أن يؤلم قيصر ، ويهيج أشجانه ، ويهين كبرياءه ، الشيطاني ، ويثير حميته ، وهو الرجل المغرور بنفسه وبملكه العريض ، ولا يرى له نظيرا على وجه الأرض ، وقد عاد لتوه من نصر عظيم على أعظم مملكة في زمانة ، وهي مملكة الفرس التي كانت تجاريه ، وتباريه ، وتتقاسم معه الملك والنفوذ على الأرض كلها ..
ثم إن مما يزيد الطين بلة والخرق اتساعا بالنسبة لقيصر : أن يقف هذا
__________________
(١) راجع : التنبيه والإشراف ص ٢٣٦ ومكاتيب الرسول للأحمدي ج ٢ ص ٤١٤ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٨.