المعجزة تلو المعجزة :
ولم يقتصر الأمر على هذا الذي جرى في الحجر ، بل استمرت المعجزات والكرامات لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» تلح على ضمير الناس ، وتقتحم عليهم خلواتهم التأملية ، لترسخ لديهم اليقين ، ولتؤكد الحجة بالحجة ، ولتكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة أهل المطامع والأهواء ، هي السفلى ، فجاء استسقاء رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ليروي الناس من ظمأهم بعد أن منعوا من ماء الحجر ، تأكيدا على أن الله الذي منعهم هو الذي يعوضهم بدعوة من نبيّه ، ليؤكد لهم بذلك صدقه وقداسته ، ويلزمهم بالحق ، ولو كانوا كارهين ..
مواصلة المسير دون ماء :
وقد أمرهم النبي «صلىاللهعليهوآله» بالإرتحال ، وأن لا يحملوا معهم من ماء الحجر شيئا ..
وطبيعي أن يثير هذا فيهم الهواجس والوساوس ، وأن يتنامى خوفهم ويزداد كلما أوغلوا في تلك الصحراء القاحلة حيث تزداد احتمالات هلاكهم وما معهم من دواب ، من شدة العطش.
ولا بد أن يرتبط ذلك كله بصور العذاب الذي صبه الله تعالى على ثمود ، وآثار هذا الغضب الإلهي التي لم تنته حتى بعد مضي آلاف السنين ، ويقع الأمر الذي طالما أرعبهم ، وأقضّ مضاجعهم ألا وهو العطش الشديد ، المنذر بالموت. ويتعاظم هذا الخطر ويزداد ، وظهر لهم أن لا ملجأ من الله إلا إليه ..