إلا إذا كان كعب يريد بذلك أن يقول : إن المنافق كان يعامل بظاهره ، وتوكل سريرته إلى خالقه ـ وأما هو فليس من المنافقين ، ولذا لم يكتف منه بالظاهر حتى يكون الله تعالى هو الذي يحكم فيه.
وفي هذا من مدح النفس وتزكيتها ما لا يخفى ..
الثلاثة لم يتوبوا :
ثم إن الآية الشريفة تقول : (.. وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (١).
وقد زعموا : أن هذه الآية قد دلت على توبة الثلاثة ، وعلى قبولها من الله تبارك وتعالى ، وقد تقدم ذلك في رواية كعب بن مالك أيضا ..
غير أننا نقول :
إن الآية الشريفة لا تدل على توبتهم ولا على قبولها ، بل هي وسابقتها قد دلتا على أن الله تعالى قد عاد على النبي «صلىاللهعليهوآله» بالرحمة ، كما عاد على المهاجرين والأنصار بها ، فذكر النبي «صلىاللهعليهوآله» في الآية الأولى تشريفا للأمة وتكريما للرسول ليفيد أنه «صلىاللهعليهوآله» هو الواسطة في نزول الخير والبركات على أمته ، ثم ذكر في الآية الثانية الثلاثة الذين خلفوا ، وأنه قد تاب عليهم أي رجع عليهم برحمة الهداية إلى الخير ، لكي يهتدوا بها إلى الإستغفار والتوبة ، فإذا فعلوا ذلك قبل توبتهم وعاد
__________________
(١) الآية ١١٨ من سورة التوبة.