وبعد ما تقدم نقول :
كنا قد ذكرنا في حديثنا عن غزوة بني قريظة في فصل : «فشل المفاوضات وخيانة أبي لبابة» .. حديث خيانة أبي لبابة ، وارتباطه إلى سارية من سواري المسجد النبوي ، حتى أطلق النبي «صلىاللهعليهوآله» سراحه بعد نزول الآيات في حقه .. وأثبتنا أنه حديث غير دقيق ، بل هو في أكثره مكذوب ومختلق ..
وحيث إنهم قد ذكروا عنه هذا الأمر في غزوة تبوك ، فلا محيص عن العودة للإشارة إلى بعض ما يفيد في جلاء الحقيقة ، فنسجل مع مراعاة الإختصار الشديد ما يلي :
خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا :
إن قوله تعالى : (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) (١) لا ينطبق على قصة أبي لبابة وأصحابه ، لأن المفروض : أن ما صدر منهم هو التخلف عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ثم الإعتراف بالذنب ، والآية لم تصرح بتوبته.
وإذا كان قد تاب فعلا فإن الآية تقول : إن التوبة إنما تعقبت العمل الصالح والسيء اللذين اختلطا. وبدون ذلك فلا يوجد إلا عمل سيء ، واعتبار التوبة هي العمل الصالح غير ظاهر.
بل قد روي : أن هذه الآية نزلت في حق الذي تكلم في حق القراء بما لا
__________________
(١) الآية ١٠٢ من سورة التوبة.