فسيلحقه الله :
وقول النبي «صلىاللهعليهوآله» : إن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم .. لا يريد أن يؤكد به مبدأ الجبر ، والتصرف التكويني في البشر إلى حد سلب اختيارهم .. بل هو يريد أن الله تعالى سيمنحه توفيقاته ، وسيفتح له أبواب الهداية ، ليختار هو لنفسه ما ينجيها ، ويعينه عليها لتذليل جماحها ، والرضا بما فيه صلاحها ، ونجاحها ، وفلاحها.
مقايسة بين نوعين من الناس :
ولا أدري كيف تمكن المقارنة بين أولئك الباحثين عن المسارب ، والمهارب للتملص من هذا المسير الجهادي ، وهم أهل الأموال الكثيرة ، التي تمكنهم من تذليل صعاب ذلك السفر ، وتهوين مشاقه ، ويطمعون بدلا عن ذلك ـ بالتنعم بنسمة عليلة ، أو ثمرة يانعة .. وبين هذا الذي يجهد ليمنح بعيره شيئا من القوة ليستفيد منه في طريق الجهاد ، ولكنه حين يعجز عن ذلك ، فإنه يتركه في أوائل ذلك الطريق الطويل جدا ، ويحمل ثقله على ظهره ، ويسير في تلك الصحراء القاحلة في أيام القيظ والحر ، يواجه بوجهه لفحات الهجير ، ويعرض نفسه لمخاطر الموت جوعا أو عطشا ، أو لأخطار الإفتراس ، من حيواناتها الكاسرة ، أو لأخطار نهشات أفاعيها وحيّاتها ، التي عادة ما تكون في أيام القيظ هائجة.
فبأي شيء كان يطمع أولئك إلا بحطام الدنيا وزخرفها الزائل؟! وبأي شيء كان يطمع أبو ذر إلا بالثواب والأجر ، وبالشهادة في سبيل الله تعالى؟!