ولا ينفع تبجح كعب بن مالك بنفس البيعة ، فإن الأمور مرهونة بخواتيمها ، فضلا عن أن الوفاء بالبيعة لا يكفي فيه الحضور في المشاهد المتعاقبة ، بل لا بد من صدق الجهاد فيها ، وصحة النية ، وعدم الفرار من الزحف في أحد ، وخيبر ، وقريظة ، وحنين ، وغير ذلك.
وليس لأحد ان يفضل مقاما على مقام ، ومشهدا على مشهد من عند نفسه ، ولغايات شخصية .. بل لا بد أن يقدم الشاهد على ذلك من القرآن والسنة الشريفة.
مبررات المتخلفين :
لقد ساق كعب الكثير من العبارات التي تشير إلى وجود مثبطات له ولغيره من المسلمين عن ذلك المسير ، مثل : الحر الشديد ، وأنه استقبل سفرا بعيدا ، ومفازا ، وعددا كثيرا ، وأن المسلمين الذين كانوا يريدون السفر كثيرون. وأن الثمار طابت ، والناس خارفون في نخيلهم ، وأنه يصبو للظلال والثمار.
غير أننا نقول :
إن ذلك لو صح ، ولم يكن السبب في تخلفه هو ضعف الإيمان ، فقد كان يجب أن يؤثر على عزيمة الثلاثين ألفا الباقين الذين نفروا مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله». فلما ذا لم يؤثر ذلك إلا على جماعة يبالغون في تصغير حجمها حتى ادّعى بعضهم : أن مجموعها يصل إلى بضعة وثمانين شخصا حسب زعمهم؟!
على أن ذلك لو صح أيضا لكان يجب أن نجد ولو واحدا من هؤلاء