الناس يذكر ذلك لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ويطلب منه تأجيل مسيره ، أو التفكير في حل لهذه المشكلة ..
كما أنه «صلىاللهعليهوآله» كان أرأف وأرحم بالمسلمين منهم بأنفسهم ، فلما ذا لم يلاحظ ذلك ، ولا سيما مع شدة الحر ، وبعد الشقة ، وما إلى ذلك من اعتبارات؟!
وقد صرح القرآن بهذه الحقيقة ، حين قال : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١) ،
يضاف إلى ذلك : أن الله تعالى هو أرحم الراحمين ، فلما ذا لم يعفهم من ذلك المسير رحمة ، وهو تعالى يعلم واقع حالهم. مع العلم بأن المنافع التي سيجنونها منه ، لا قيمة لها في قبال الضرر الذي سينا لهم بسببه؟!
إن ذلك كله يوضح : أن كلام كعب غير صحيح ، وأن الحقيقة هي تلك التي أظهرها كعب بن مالك نفسه في بعض كلماته المتقدمة حيث قال : «فكنت إذا خرجت في الناس ، بعد خروج رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصا عليه بالنفاق ، أو رجلا ممن عذر الله تعالى من الضعفاء».
حبسه برداه ، ونظره في عطفيه :
وقد ظهر من سكوت النبي «صلىاللهعليهوآله» عن ذلك الرجل الذي تناول كعب بن مالك بقوله : «حبسه برداه ونظره في عطفيه» أن النبي
__________________
(١) الآية ١٢٨ من سورة التوبة.