ملكهم ، قبل سنوات ، وخاض معهم حربا قوية قبل مدة وجيزة ، لا تزيد على سنة وشهرين .. وقد قتل في تلك الحرب قادته الثلاثة ، جعفر بن أبي طالب ، وزيد بن حارثة ، وعبد الله بن رواحة ..
فهل يعقل أن يكون «صلىاللهعليهوآله» قد أهمل رصد تحركات هذا الجبار والعدو الخطر جدا ، الذي كان يعيش لتوّه نشوة الإنتصار على مملكة فارس. فاعتمد «صلىاللهعليهوآله» على إخبار أنباط وافدين ، لا يدينون بدينه ، في حين أن القرآن يقول له : (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) (١).
ولنفترض : أنه أهمل الرصد ، لسبب أو لآخر ، وجاءه هذا الخبر من هؤلاء ، فلماذا لا يبحث عن صحة هذا الخبر ، مع اتخاذ جانب الإحتياط والحذر ، بل يترك ذلك جانبا ، ويبادر إلى جمع جيش يعد بعشرات الألوف ، ويخض المنطقة بأسرها ، ويعطي ذلك العدو الخطر المبرر للقيام بأي عمل لصد ما يعتبره عدوانا عليه ، ويزين لأتباعه بأن عليهم مواجهة أعدائهم بحرب هم أوقدوا نارها ، وأثاروا إعصارها.
٣ ـ تعويض قريش عن متاجرها :
وقيل : إن سبب غزوة تبوك هو أن الله سبحانه وتعالى لما منع المشركين من أن يقربوا المسجد الحرام في الحج وغيره قالت قريش : لتقطعن عنا المتاجر والأسواق ، وليذهبن ما كنا نصيب منها ، فعوضهم الله تعالى عن ذلك بالأمر بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم
__________________
(١) الآية ٧٣ من سورة آل عمران.