وقد ذكروا : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد قال لأصحابه : «لا تكلموا رجلا تخلف عنا ، ولا تجالسوه حتى آذن لكم» ، وإنه قد قال ذلك لأصحابه قبل وصوله إلى المدينة حين جاء المنافقون يتلقونه ، ثم إنه «صلىاللهعليهوآله» رحمهم وبايعهم واستغفر لهم ، ثم كانت قضية الثلاثة الذين خلفوا (١).
كعب بن مالك ليس كأبي ذر :
وقد اتضح من جميع ما تقدم : أنه ليس من الصواب اعتبار حال كعب بن مالك كحال أبي ذر ، إذ شتان ما بين الرجلين ، فكعب قد خالف أمر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وأصبح في جملة العصاة ، وقد امر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بهجره ، ولم تتحقق له توبة كما ظهر من النص الذي رواه كعب لنا ، مع ما فيه من محاولة التضخيم والتفخيم.
أما أبو ذر فله شأن آخر سنوضحه فيما يأتي إن شاء الله تعالى ، ولأجل ذلك فنحن لا نوافق على قولهم : وكان نفر من المسلمين أبطأت بهم النية عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» حتى تخلفوا عنه من غير شك ولا ارتياب منهم : كعب بن مالك ، وهلال بن أمية ، وأبو خيثمة ، وأبو ذر الغفاري.
وكانوا نفر صدق لا يتهمون في إسلامهم انتهى.
__________________
(١) الدر المنثور ج ٣ ص ٢٨٦ عن ابن مردويه ، وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٧٢ عن ابن عقبة ، وعن دلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ٢٨٠ ، والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ١٢٣ وتخريج الأحاديث والآثار ج ٢ ص ٨١ وإمتاع الأسماع ج ٢ ص ٨٠.