ولعله لو كان قدّم لهم النهي عنه ، لوجد فيهم من يستسيغ مخالفته ، ويكون حالهم حينئذ حال طالوت مع جنوده ، حيث قال لهم : (.. إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ..) (١).
آثار السخط الإلهي :
إن هذه القضية قد أظهرت أن آثار سخط الله تبارك وتعالى قد تمتد عبر الأجيال والأحقاب إلى آلاف السنين ، ولأجل ذلك نلاحظ : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» لا يصلي صلاة المختار في أرض خسف بها ، بل هو يسرع السير ليتجاوزها ، ثم يصلي أو يعيد ما كان قد صلاه في حالة الإضطرار ..
وفي هذه المرة أيضا نلاحظ : أنه «صلىاللهعليهوآله» حين مر بالحجر ، تقنع بردائه ، واتضع راحلته (أي خفض رأس بعيره) حتى خلّف أبيات ثمود وراء ظهره ..
كما أنه قد نهى أصحابه عن دخول مساكن ثمود ، ومنعهم من شرب ماء تلك البقعة ، ومن الوضوء به ، ومن استعماله في سائر المجالات ..
مساكن ثمود :
إن النهي عن دخول مساكن ثمود ، وقول الرواية : حتى خلف أبيات ثمود ، يدل على أن تلك المساكن كانت لا تزال ماثلة للعيان ، رغم مرور السنين والأحقاب ..
__________________
(١) الآية ٢٤٩ من سورة البقرة.