لا فرق بين أبي ذر وغيره :
ومبدأ الإسلام في التعامل صريح وصحيح ، وهو لا يستثني قريبا حبيبا ولا نائيا غريبا .. ولذلك اطلق النبي «صلىاللهعليهوآله» نفس المعيار ، وطبقه على أبي ذر ، ولم يظهر أي ليونة تجاهه .. وهو قوله : «دعوه ، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله تعالى منه».
لأن المفروض : أن ما حصل عليه أبو ذر من مقام في الإسلام ، ومن أوسمة على لسان الرسول «صلىاللهعليهوآله» لم يحصل عليه باقتراح ومحاباة منه «صلىاللهعليهوآله» ، بل حصل عليه بجهد وجهاد ، رسم حدوده ، وبين معالمه رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لأبي ذر وللناس كلهم ، فاستفاد أبو ذر منه فربح ، وتقاعس عنه آخرون وفرطوا فيه ، فخسروا.
ومن جهة أخرى ، فإنه لا بد لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن يراعي جانب العدل والإنصاف في كل مفردات تعامله ، فإذا كان من الجائز على كل أحد سوى الأنبياء وأوصيائهم أن يحدث لهم تراجع أو اختلال في سلوكهم ، نتيجة لسوء اختيارهم أو تقصيرهم ، أو لغير ذلك من أمور ، فإنه لا بد أن يلتزم بذلك أيضا بالنسبة لأبي ذر ، لأنه هو الآخر من الناس الذين يملكون اختيارا ، ويتعرضون للخطأ ، والتقصير لوسوسات الشيطان.
وهذا بالذات هو ما التزم به النبي «صلىاللهعليهوآله» حين أطلق نفس القول بحق أبي ذر الإنسان .. كما كان أطلقه في حق كل من يحمل صفة الإنسانية ..