ومسارهم ، حتى لا ينتهي بهم الأمر إلى ما انتهى إليه أسلافهم.
تجسيد الحدث :
ثم إن النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يرو لهم ما جرى على قوم صالح بنحو يفيد في تكوين تصورات ، وإحداث انفعالات يتوقع أن تتبخر وتتلاشى ، تبعا لتلاشي تلك الصور التي استحضرت بواسطة حديث يتلى ، وخبر يروى ..
بل هو «صلىاللهعليهوآله» قد ربط لهم الصورة الذهنية بأمور عينية واقعية ، لها مساس بأشخاصهم ، حين تركهم ينقلون الماء من آبار ثمود ، ويعجنوا بها عجينهم ، وينصبوا القدور المملوءة باللحم والماء ، ثم ينادي فيهم بالصلاة جامعة ، وقد كان ذلك بعد منعهم من الإستفادة من الماء في ذلك المكان كله ، ثم أمرهم بأن يعلفوا العجين الإبل ..
أي أنه لم يكتف بمنعهم من الإستفادة من الماء الذي تعبوا بحمله ، بل ألحق به ما اختلط به ، مما تعبوا في الحصول عليه ، وفي حمله ، ونقله ، ويرون أنفسهم بأمس الحاجة إليه ، للغذاء والبقاء ..
مع أنه «صلىاللهعليهوآله» حين وصل إلى تلك المساكن كان يعلم أن الناس المتعبين الذين يسيرون في حر الهاجرة في تلك الصحراء القاحلة ، سوف يتهافتون على الماء ، وسيبادرون للإستفادة منه في إعداد أطعمتهم ، وفي تبردهم ، وغسلهم وشربهم ، ولكنه لم يحذّرهم منه ، ولم يذكر لهم شيئا في هذا السياق .. بل سكت حتى بلغ بهم التعامل مع ذلك حدا جعله محط أنظارهم ، ومهوى أفئدتهم ..