ليست القراءة كما سمعت .. بل هي (ورسوله) بالرفع. فقال الأعرابي من فوره (إنني أبرأ ممن برئ منهم الله ورسوله).
فقد نقلته حركة الإعراب في لحظات من موقف إلى موقف آخر تبعا للمعنى الناجم عن الحركة. وكانت هذه الواقعة ونظائر لها من أسباب شروع أبي الأسود نفسه بالبدء بوضع قواعد علم النحو.
ـ أما الاحتمال الثاني فيكون فيه كلا وجهي الإعراب صحيحا في القراءة وقرئ بهما ، غير أن المعنى يختلف من قراءة إلى أخرى ، ويكون في إحدى القراءتين ضعيفا.
من ذلك قوله تعالى في سورة (البقرة / ٢١٤) (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ، مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ).
فقد وردت القراآت بنصب الفعل (يقول) وبرفعه (١) ، ويختلف المعنى تبعا لذلك فيهما.
ـ فالمعنى الذي تقدمه قراءة النصب هو أن المؤمنين مع الرسول صلىاللهعليهوسلم (يوم الخندق) أصابتهم البأساء والضرّاء وزلزلوا فصبروا وطال صبرهم حتى بلغ منتهاه إلى أن يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله. وذلك بنصب الفعل (يقول) بأن المضمرة وجوبا بعد حتى. ومن خصائص (أن) المصدرية الناصبة دلالتها على المستقبل ، فحين نضمرها وننصب الفعل بعدها فذلك دلالة على مرور وقت طويل إلى أن يقع الفعل.
أما إذا قرأنا برفع الفعل (يقول) فالدلالة المعنوية هي قصر أمد صبر المؤمنين ، فحين مسّتهم البأساء والضراء وزلزلوا قال الرسول والذين آمنوا
__________________
(١) معجم القراآت القرآنية ١ / ١٦٥.