وهذه الكاف حرف خطاب فلا موضع لها من الإعراب (١) ، وهذا لا خلاف فيه.
فإن تقدم حرف التنبيه الذي هو «ها» على اسم الإشارة أتيت بالكاف وحدها فتقول «هذاك» ، وعليه قوله :
٢٣ ـ رأيت بني غبراء لا ينكرونني |
|
ولا أهل هذاك الطّراف الممدّد (٢) |
__________________
(١) هذه الكاف حرفية ولكنها تتصرف تصرف الاسمية (أي ضمير المخاطب) غالبا ، فتفتح للمذكر ، وتكسر للمؤنث ، ثم يلحق بها ما يدلّ على التثنية أو الجمع فيقال : ذلك ، وذلك ؛ وذلكما ، وذلكم ، وذلكن ، وقد تبقى بصيغة المفرد كقوله تعالى : «ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ».
(٢) البيت لطرفة بن العبد الشاعر الجاهلي من معلقته. الغبراء : الأرض ، وبنوها هم الفقراء ، وقيل : الأضياف أو اللصوص ، الطراف : البيت من الجلد : والطراف الممدد : البيت الرفيع الذي يدل على الثراء.
المعنى : آلم طرفة أن تسيء عشيرته معاملته فقال يفتخر بأن الناس جميعا فقيرهم وغنيّهم عرفوا له مكانه في السخاء وطيب العشرة.
الإعراب : رأيت : فعل وفاعل ، بني : مفعول به منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت النون للإضافة ، غبراء : مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف لألف التأنيث الممدودة ، جملة ـ لا ينكرونني : في محل نصب مفعول ثان لرأى (وتكون حالا إذا اعتبرنا رأى بصريه) ، ولا : الواو : عاطفة ، لا : نافية ، أهل : معطوف على فاعل ينكر وهو واو الجماعة ، هذاك : الهاء للتّنبيه ، ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة ، والكاف حرف خطاب ، الطراف : بدل ، الممدد : صفة للطراف.
الشاهد فيه : هذاك : فقد أتى بالكاف وحدها مع اسم الإشارة المسبوق ب «ها» التنبيه ولم يأت باللام ، وتمتنع زيادة اللام في المثنى مطلقا وفي ما سبق بها التنبيه ، وفي الجمع في لغة من مدّه ، أما في لغة القصر فقد وردت كقوله : (أولالك قومي ..)