«سبحان ما سخركن لنا» (١) و «سبحان ما يسبح الرعد بحمده» (٢).
و «من» بالعكس فأكثر ما تستعمل في العاقل ، وقد تستعمل في غيره (٣) كقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ ، يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ)(٤) ، ومنه قول الشاعر :
٢٩ ـ بكيت على سرب القطا إذ مررن بي |
|
فقلت ـ ومثلي بالبكاء جدير ـ : |
__________________
(١) سبحان : مفعول مطلق منصوب ، ما : اسم موصول في محل جر بالإضافة والجملة بعدها لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول.
(٢) تستعمل «ما» للعاقل إذا اختلط بغير العاقل كقوله تعالى : «سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ». أو للمبهم أمره كقولنا : «أنظر إلى ما ظهر» أو إذا أريد بها صفات من يعقل كالآية : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ ...) في ثلاثة مواضع لخصها ابن هشام.
(٣) تستعمل «من» لغير العاقل :
١ ـ إذا نزل منزلته كقوله تعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ) «فدعاء الأصنام أنزلها منزلة العاقل».
٢ ـ أن يختلط العاقل بغيره فيما وقعت عليه «من» كقوله تعالى : «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ».
٣ ـ أن يختلط العاقل بغيره في عموم فصّل بمن الجارة كالآية التي يستشهد بها الشارح وقد اختلط فيها العاقل بغيره بعموم «كُلَّ دَابَّةٍ».
(٤) النور (٤٥) وتمام الآية : «وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ ، يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ ، إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». فالعاقل اختلط بغيره في قوله : «من يمشي على أربع» لأنه يشمل الآدمي والطائر ، والباقي اشترك في عموم (كل دابة) ثم فصل بمن الجارة.