وذكروا أن أربعة من العرب لم يلحنوا في جد ولا هزل وهم : «الشعبي وعبد الملك والحجاج وابن القرّية» على أنه قد عدّ بعض اللحن على الحجاج
وقيل : إن أول لحن وقع بالبادية قولهم : «هذه عصاتي» والصواب عصاي وأول لحن وقع بالعراق قولهم : حىّ على الفلاح بكسر الياء والصواب فتحها فتقول : «حيّ على الفلاح».
وذكر ابن الأثير في المثل السائر ـ وهي قصة تساق لمعرفة السبب المباشر في وضع النحو العربي ـ أن أبا الأسود الدؤلي دخل على ابنته بالبصرة فقالت له : يا أبت : ما أشدّ الحرّ ـ فقال لها : شهر ناجر فقالت : إنما أخبرتك ولم أسألك فأتى عليا كرم الله وجهه فقال له : ذهبت لغة العرب ـ ويوشك إن تطاول عليها الزمن أن تضمحل فقال له عليّ : وما ذاك؟ فأخبره الخبر فقال : هلمّ صحيفة. ثم أملى عليه : (الكلام لا يخرج عن اسم وفعل وحرف) .. وقد روى في هذا المجال قصة أخرى مشابهة وهي أن أبا الأسود سمع ابنته تلحن إذ قالت له : ما أحسن السماء ، فقال : نجومها فقالت : لم أرد أي شيء أحسن فيها ـ إنما أتعجب من حسنها! فقال لها أبوها : قولي : ما أحسن السماء! ثم دفعه ذلك إلى التفكير في وضع قواعد النحو ـ والروايتان عندنا صحيحتان ولا تعارض بينهما .. فقد تتكرر المسألة في وقتين متقاربين أو متباعدين ..
ونحن نستفيد منها أن الواضع لعلم النحو هو أبو الأسود (١). سواء كان بإشارة من علي بن أبي طالب أم بدافع من نفسه .. وفي بعض الروايات أن عمر بن الخطاب هو الذي أمر أبا الأسود بوضعه وقيل زياد .. ولكن كيف بدأ أبو الأسود مهمته؟ أو بالأحرى كيف وضع النحو؟
قام أبو الأسود بضبط المصحف ووضع نقطا وعلامات تدل على الحركات المختلفة .. ثم توالت حركة التأليف بعد ذلك .. بدأت هذه
__________________
(١) أبو الأسود الدؤلي توفي سنة ٦٧ ه.