قال الله تعالى : (وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ)(١) أي : منه ، وتقول : «مررت بالذي أنت مار» أي : به ، ومنه قوله :
٣٦ ـ وقد كنت تخفي حبّ سمراء حقبة |
|
فبح لان منها بالذي أنت بائح (٢) |
أي أنت بائح به.
فإن اختلف الحرفان لم يجز الحذف نحو : «مررت بالذي غضبت عليه» فلا يجوز حذف «عليه» ، وكذلك «مررت بالذي مررت به على
__________________
(١) المؤمنون (٣٣) هي : «وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ».
(٢) البيت لعنترة بن شداد العبسي. حقبة : زمنا طويلا ، لان : أصله : الآن ، فحذفت الهمزة التي بعد اللام ونقلت حركتها (الفتحة) إليها فصارت : «الان» ثم حذفت همزة الوصل لعدم الحاجة إليها فصارت الكلمة : لان ، وقيل (لان : لغة في الآن).
المعنى : لقد أخفيت حبك لتلك الفتاة السمراء زمنا طويلا فبح الآن من أمر غرامك بما تحبّ.
الإعراب : قد : حرف تحقيق ، كنت : كان الناقصة واسمها : تخفي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على آخره للثقل ، والفاعل أنت ، حب : مفعول به ، سمراء : مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف لألف التأنيث الممدودة ، والجملة في محل نصب خبر لكان. حقبة : ظرف زمان منصوب متعلق بتخفي. لان : ظرف زمان مبني على الفتح في محل نصب متعلق ببح ، (بعضهم يجعله معربا منصوبا بالفتحة) ، أنت بائح : مبتدأ وخبر ، والجملة : صلة الموصول لا محل لها من الإعراب والعائد محذوف تقديره : أنت بائح به.
الشاهد فيه : الذي أنت بائح فقد حذف العائد لأنه مجرور بمثل الحرف الذي جر به الموصول ، لفظا ومعنى ، واتفقا في مادة التعليق (بح بالذي ، بائح به)