ينقسم الخبر ـ بالنظر إلى تقديمه على المبتدأ أو تأخيره عنه ـ ثلاثة أقسام :
(أ) قسم يجوز فيه التقديم والتأخير ، وقد سبق ذكره.
(ب) وقسم يجب فيه تأخير الخبر.
(ج) وقسم يجب فيه تقديم الخبر.
فأشار بهذه الأبيات إلى الخبر الواجب التأخير ، فذكر منه خمسة مواضع :
الأول : أن يكون كلّ من المبتدأ والخبر معرفة أو نكرة صالحة لجعلها مبتدأ ، ولا مبيّن للمبتدأ من الخبر نحو : «زيد أخوك» و «أفضل من زيد أفضل من عمرو». ولا يجوز تقديم الخبر في هذا ونحوه ، لأنك لو قدمته فقلت : «أخوك زيد» (١) و «أفضل من عمرو أفضل من زيد» لكان المقدّم مبتدأ ، وأنت تريد أن يكون خبرا من غير دليل يدلّ عليه. فإن وجد دليل يدلّ على أنّ المتقدّم خبر جاز ، كقولك : «أبو يوسف أبو حنيفة» ، فيجوز تقدّم الخبر ـ وهو أبو حنيفة ـ لأنه معلوم أن المراد تشبيه أبي يوسف بأبي حنيفة لا تشبيه أبي حنيفة بأبي يوسف (٢) ، ومنه قوله :
__________________
في محل رفع مبتدأ ، لي : اللام حرف جر ، والياء : ضمير متصل في محل جر باللام ، متعلق بمحذوف خبر للمبتدأ والتقدير من كائن لي ، منجدا : حال من ضمير الخبر.
(١) قولنا : «زيد أخوك» معناه أن زيد معروف ولكن الغاية هي الإخبار بأخوته فلو قلنا : أخوك زيد ، لفهم أن الأخوة معروفة وأن الغاية هي الإخبار بالاسم ، ولذا قالوا : لا يجوز أن نقدم الخبر في مثل قولنا : زيد أخوك خشية اللبس الذي يحصل فكل منهما يصلح للابتداء به غير أن المعنى يختلف.
(٢) القرينة هنا معنوية لأن أبا يوسف كان تلميذا لأبي حنيفة فأبو يوسف مبتدأ سواء تقدم أو تأخر ، وأبو حنيفة خبر سواء تقدم أو تأخّر.