مراده أن أخبار هذه الأفعال ـ إن لم يجب تقديمها على الاسم ، ولا تأخيرها عنه ـ يجوز توسّطها بين الفعل ، والاسم ، فمثال وجوب تقديمها على الاسم قولك : «كان في الدار صاحبها» ، فلا يجوز ههنا تقديم الاسم على الخبر لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة.
ومثال وجوب تأخير الخبر عن الاسم قولك : «كان أخي رفيقي» ، فلا يجوز تقديم «رفيقي» على أنه خبر لأنه لا يعلم ذلك ، لعدم ظهور الإعراب.
ومثال ما توسّط فيه الخبر قولك : «كان قائما زيد» ، قال الله تعالى : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)(١) ، وكذلك سائر أفعال هذا الباب ـ من المتصرف وغيره ـ يجوز توسّط أخبارها بالشرط المذكور. ونقل صاحب الإرشاد خلافا في جواز تقديم خبر «ليس» على اسمها ، والصواب جوازه ، قال الشاعر :
٦٦ ـ سلي ـ إن جهلت ـ النّاس عنّا وعنهم |
|
فليس سواء عالم وجهول (٢) |
__________________
وخبره جملة : حظر سبقه دام. سبقه : سبق : مفعول به مقدم لحظر ، والهاء : في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر إلى فاعله. ودام : مفعول به للمصدر (سبقه) مقصود لفظها.
(١) من قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) الروم (٤٧) حقا : خبر كان مقدم ، علينا : جار ومجرور متعلق بحقا ، نصر : اسم كان مؤخر ، المؤمنين : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم.
(٢) البيت من قصيدة شهيرة للشاعر اليهودي السموءل بن عادياء.
المعنى : اسألي من يعلم الحقائق عنا وعن هؤلاء الذين تقدمينهم علينا ، فالعالم والجاهل لا يستويان.
الإعراب : سلي : فعل أمر مبني على حذف النون ، والياء : في محل رفع فاعل ، إن : حرف شرط جازم ، جهلت : جهل : فعل ماض مبني على السكون في محل جزم