فمسلّم ، وإن أراد أنهم منعوا تقديمه على «دام» وحدها نحو «لا أصحبك ما قائما دام زيد» (١) ـ وعلى ذلك حمله ولده في شرحه ـ ففيه نظر ، والذي يظهر أنه لا يمتنع تقديم خبر «دام» على «دام» وحدها ، فتقول : «لا أصحبك ما قائما دام زيد» كما تقول : «لا أصحبك ما زيدا كلمت».
* * *
كذاك سبق خبر «ما» النّافية |
|
فجئ بها متلوّة لا تاليه (٢) |
يعني أنه لا يجوز أن يتقدّم الخبر على «ما النافية» (٣) ، ويدخل تحت هذا قسمان :
أحدهما : ما كان النفي شرطا في عمله نحو «ما زال» وأخواتها ، فلا تقول : «قائما ما زال زيد» ، وأجاز ذلك ابن كيسان والنحاس (٤).
والثاني : ما لم يكن النفي شرطا في عمله نحو : «ما كان زيد قائما» ، فلا تقول : «قائما ما كان زيد» ، وأجازه بعضهم.
__________________
(١) قائما : خبر دام الناقصة تقدم عليها وحدها دون «ما» المصدرية وإجماعهم على منع التقديم على «ما» نفسها مبني على أنه لا يجوز أن يتقدم شيء من الصلة على الموصول حرفيا كان أو اسميا.
(٢) كذاك : الكاف : حرف جر ، ذا : اسم إشارة في محل جر بالكاف ، متعلق بمحذوف خبر مقدم ، والكاف للخطاب ، سبق : مبتدأ مؤخر ، خبر : مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله ، «ما» : مفعول به لسبق ، النافية : نعت لما منصوب. متلوة : حال من «ها» من «بها» ، لا : حرف عطف ، تالية : معطوف على متلوة منصوب بالفتحة.
(٣) هذا الخلاف مبنيّ على خلاف آخر وهو : هل للحرف «ما» الصدارة في جملته ، فذهب فريق إلى أنها واجبة التصدير فلا يتقدمها الخبر : وذهب آخرون إلى عدم استحقاقها التصدير فأجازوا تقديم خبرها عليها.
(٤) إذا تقدمت ما النافية على النواسخ التي يشترط النفي في عملها صارت مثبتة لأن نفي النفي إيجاب ، ومعنى المثال : إثبات القيام لزيد لا نفيه عنه.