ومفهوم كلامه أنّه إذا كان النفي بغير «ما» يجوز التقديم فتقول : «قائما لم يزل زيد ، ومنطلقا لم يكن عمرو» ومنعهما بعضهم.
ومفهوم كلامه أيضا جواز تقديم الخبر على الفعل وحده إذا كان النفي ب «ما» نحو : «ما قائما زال زيد ، وما قائما كان زيد» ومنعه بعضهم.
ومنع سبق خبر ليس اصطفي |
|
وذو تمام ما برفع يكتفي (١) |
وما سواه ناقص ، والنّقص في : |
|
«فتئ ، ليس ، زال» دائما قفي (٢) |
اختلف النحويون في جواز تقديم خبر ليس عليها ، فذهب الكوفيون والمبرد والزجاج وابن السراج وأكثر المتأخرين ـ ومنهم المصنف ـ إلى المنع ، وذهب أبو علي الفارسي وابن برهان إلى الجواز ، فتقول : «قائما ليس زيد» ، واختلف النقل عن سيبويه فنسب قوم إليه الجواز ، وقوم المنع. ولم يرد من لسان العرب تقدّم خبرها عليها ، وإنما ورد من لسانهم ما ظاهره تقدّم معمول خبرها عليها كقوله تعالى : «أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ» (٣) ، وبهذا استدلّ من أجاز تقديم خبرها عليها ، وتقريره أنّ «يوم يأتيهم» معمول الخبر الذي هو «مصروفا» ، وقد تقدم على «ليس» ، قال : ولا يتقدم المعمول إلا حيث يتقدم العامل (٤).
__________________
(١) منع : مبتدأ وخبره جملة (اصطفى) ، ذو : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة ، ما : اسم موصول في محل رفع خبر المبتدأ ، وجملة يكتفي مع الفاعل المستتر : صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
(٢) النقص : مبتدأ وخبره جملة : (قفي) مع نائب الفاعل المستتر.
(٣) من قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ ، أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ ، وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) هود (٨).
(٤) الذين منعوا التقديم حملوها على «عسى» التي اتفق على منع تقدم خبرها عليها ، والجامع بينهما الجمود ، والذين أجازوا استندوا إلى الآية الكريمة ، واسم «ليس» فيها ضمير مستتر عائد إلى العذاب ، ومصروفا : خبر ليس ، ويوم : ظرف زمان متعلق بالخبر مصروفا فهو معمول له.