ولغة أهل الحجاز إعمالها كعمل «ليس» لشبهها بها في أنها لنفي الحال عند الإطلاق ، فيرفعون بها الاسم وينصبون بها الخبر نحو : «ما زيد قائما» ، قال الله تعالى : (ما هذا بَشَراً)(١) وقال تعالى : (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ)(٢) وقال الشاعر :
٧٦ ـ أبناؤها متكنّفو آبائهم |
|
حنقو الصّدور ، وما هم أولادها (٣) |
__________________
(١) من قوله تعالى : (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ ، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً ، وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً ، وَقالَتِ : اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ : حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً ، إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) يوسف (٣١)
(٢) من قوله تعالى : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ ، إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ، وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ، وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) المجادلة (٢).
(٣) لا يعرف قائل هذا البيت ، أبناؤها : أراد أبناء الكتيبة الكثيفة التي ينذرهم بقدومها في بيت سابق ، والآباء : القادة الرؤساء ، حنقو الصدور : أي امتلأت صدورهم بالغيظ ، والضمير «ها» عائد إلى الكتيبة.
المعنى : إن أبناء هذه الكتيبة قد التفّوا حول قادتهم ورؤسائهم وقد ملأ صدورهم الغيظ ، وليسوا أبناءها حقيقة ولكنهم أبناء الحروب والمصطلون بنارها.
الإعراب : أبناؤها : أبناء : مبتدأ ، وها : في محل جر بالإضافة ، متكنفو : خبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم ، وحذفت النون للإضافة ، آبائهم : آباء : مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله ، والهاء : في محل جر بالإضافة ، والميم : للجمع ، حنقو : خبر ثان للمبتدأ مرفوع بالواو ، وحذفت النون للإضافة ، الصدور : مضاف إليه. وما : الواو حالية ، ما : نافية عاملة عمل ليس ، هم : ضمير منفصل في محل رفع اسمها ، أولادها : خبر ما منصوب ، وها : في محل جر بالإضافة ، والجملة في محل نصب على الحال.
الشاهد فيه : قوله «وما هم أولادها» ، فقد استعمل «ما» النافية حجازية فأعملها عمل ليس.