وثمة أدلة كثيرة في كتاب الله وآياته تشعر كلّ مسلم بضرورة إتقان العربية ليكون فهمه للقرآن على الوجه المنشود والمستوى الأمثل ، ليحقق هذا الفهم السليم لكلام الله ما يراد منه في نفس المسلم وعقله وحياته وسلوكه وعلاقاته.
من ذلك قوله تعالى في سورة (الأنفال / ٢) (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
فكيف يتاح للمؤمن أن يزداد إيمانا إذا تليت عليه أيات الله وهو لا يفهم مضمونها .. بل إن زيادة الإيمان لا بد أن تبدأ بسلامة الفهم ، ليفكر فيها بعقله الذي يتّسع ويتفتح ليدرك ما فيها من الحقائق الباهرة فيخشع قلبه ، وتدمع عينه وتلين نفسه ، ويكتمل تسليمه .. مصداقا لقوله تعالى في سورة (الحشر / ٢١) (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ، وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) وقوله تعالى في سورة (النحل / ٩٨) (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ،) وقوله تعالى في سورة (المزّمّل / ٢٠) (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ).
ولا يقصد بهذه القراءة إصدار الأصوات بالمدّ والغنّة والإخفاء والإظهار فحسب ، بل إن هذه وسائل تؤدي إلى أن يأخذ المعنى امتداده الكامل في النفس والعقل والشعور .. أما العقل والقلب فينبغي أن يكونا في تمام تفتّحهما عند القراءة أو الاستماع ليكون التدبّر والفهم والخشوع وتصدع الجبال .. مصداقا لقوله تعالى في سورة (محمد / ٢٤) (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) وقوله تعالى في سورة (النحل / ٤٤)