يلزم القياس على الشاذّ في كلّ شيء ، وقد ذكر سيبويه منه أشياء لا يقاس عليها.
وأما أيّي وأيّك وما جرى مجراه فكلامه فيه واضح ، والشواهد فيه كثيرة ؛ منهما ما أنشده ، ومنها قول عنترة :
فلئن لقيتك خاليين لتعلمن |
|
أيّي وأيّك فارس الأجراف |
وقال الجميح بن الطّمّاح (جاهلي) :
وقد علم الأقوام أبي وأيّكم |
|
بني عامر أوفى وفاء وأكرم (١) |
وقال قرط اليربوعيّ (جاهليّ) :
أبني سليط لا أبا لأبيكم |
|
أيّي وأيّ بني صبير أكرم (٢) |
وقال آخر :
أبني سليط كيف أظلم وسطكم |
|
ولي البراءة والعواقب تعقب |
هلا تبيّن في القضاء زعمتم |
|
أيّي وأيّ خصوم حقّي أكذب (٣) |
وقال آخر :
فأيّي وأيّ ابن الحصين وعثعث |
|
غداة التقينا كان بالحلف أعذرا (٤) |
وقوله : (إلا أنّهما لم يشتركا في أيّ) يعني الاسمين لم يضف إليهما واحدة من لفظتي أيّ ، واشتراكهما أن تقول : أيّنا وأيّكما وأيّهما ، ولكنهما ، يعني الرجلين : المخاطب والمتكلم ، أخلصا كلّ واحد من أيّ لكلّ واحد منهما ، وما في ذكر هذا كثير طائل ، ولكن ذكرناه على ما يقتضيه التفسير.
هذا باب مجرى أيّ مضافا على القياس
قال سيبويه : (وذلك قولك : اضرب أيّهم هو أفضل ، واضرب أيّهم كان أفضل ، واضرب أيّهم أبوه زيد ، جرى هذا على القياس لأنّ (الذي) يحسن هاهنا ، فإن قلت : اضرب أيّهم عاقل ، رفعت ؛ لأن (الذي عاقل) قبيح. فإن أدخلت (هو) نصبت ؛ لأنك لو قلت : هذا الذي هو عاقل ، كان حسنا.
وزعم الخليل أنه سمع عربيّا يقول : ما أنا بالذي قائل لك شيئا. ومن تكلّم بهذا
__________________
(١) البيت في ديوانه ، ابن يعيش ٢ / ١٣٣ ؛ ولسان العرب (أبا).
(٢) البيت في ديوانه ، الخزانة ٤ / ١٠٣.
(٣) البيتان بلا نسبة في تاج العروس (سلط).
(٤) البيت منسوب للشاعر الجاهلي خداش بن زهير بن ربيعة الكتاب ٢ / ٤٠٣.