يلي الألف والاسم يلي" أم" ، وهو وإن كان جائزا حسنا لاستواء معنى ألقيت زيد؟ و" أزيدا لقيت"؟ فليس كحسن : أزيدا لقيت أم بشرا؟ لأنه مع صحة المعنى أعدل لفظا. ومما يختاره العرب.
وإذا كانت المعادلة بين فعلين فالاختيار أن يلي أحد الفعلين الألف والآخر" أم". لأن المسألة عن الفعلين. ويكون الذي ليست المسألة عنه بينهما وذلك قولك : أضربت زيدا أم قتلته؟ لأن سؤالك عن فعلين مبهمين ليبين لك أحدهما ولم تسأل عن" زيد" الذي هو موضع الفعل لأن المسائل قد علم أن أحدهما واقع بزيد ولم يفرق بينهما فالبدء بالفعل هنا أحسن. كأنك قلت : أي ذاك كان بزيد؟
وقد يعادل بالفعل والفاعل. والمبتدأ والخبر لاستواء المعنى في ذلك.
كقوله عزوجل (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ)(١) والمعنى : سواء عليكم أدعوتموهم أم صمتم.
وإن شئت : سواء عليكم أنتم داعون لهم أم أنتم صامتون عنهم. وسواء عليكم أنهم مدعوون أم متروكون.
ومعناه : سواء عليكم دعاؤكم لهم وصمتكم عنهم.
قول سيبويه : " قام أو قعد" إذا أردت أنه لم يكن بينهما شيء ، كأنه يقول : لا أدعي أنه كان منه في تلك الحال قيام ولا قعود : أي : لم أعدد قيامه قياما ولم يستبن قعوده قعودا صار بمنزلة : ما لا قيام يعرف له ولا قعود ، فكأنه قال : ما أدري أكان أحد هذين؟
وإذا أيقن بكون أحد الأمرين منه وشكّ فيه عينا. قال : ما أدري أقام أم قعد؟ وهذا قد علم أن أحد الأمرين كأن منه ولا يعرفه بعينه.
وما تركته من شرح الباب فلا غناء ما شرحته عنه. وبقيت من شرح" أم" بعد ذكري جملة وجوهها ما أشرحه في الباب الذي يلي هذا إن شاء الله تعالى.
هذا باب «أم» منقطعة
وذلك قولك : أعمرو عندك أم زيد.
فهذا ليس بمنزلة : أيهما عندك؟
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية : ١٩٣.