وحذفوا آخرها فقالوا : (هن) و (هنة) كما قالوا : (أب) و (أخ) وهما اسمان ظاهران ، يكنى بهما عن اسمين ظاهرين.
فلذلك أعربا ، وفيهما معنى الكناية والعرب تقول في الوقف : (هنة) وفي الوصل : (هنت) فتصير التاء فيها إذا وصلت كالتاء في أخت ، وبنت ، فقال سيبويه :
إذا سمينا ب (هنة) وجب أن نقول في الوصل والوقف : هذا هنه وهنة قد جاءني ، فتحرك النون ، ولا تسكنها في الوصل ، كما كانت مسكّنة قبل التسمية ؛ لأن إسكانها ليس بالقياس.
ولأنهم لم يلزموها الإسكان فتكون بمنزلة" بنت" ، و" أخت" وتكون التاء للإلحاق ، وإنما سكّنوها ، وهم يريدون الكناية بها عن الاسم ، تشبيها بنون (من) لما فيها من معنى الكناية ، فإذا سمينا بها رددناها إلى القياس ، فلا نصرفها ، وتكون منزلتها منزلة رجل سميناه" بنة" ، أو" ضعة" في الوقف والوصل.
قال : وإن سميت رجلا ب (ضربت) ، ولا ضمير فيها قلت : " هذا ضربه" في الوقف ؛ لأنه قد صار اسما فجرى مجرى شجرة.
هذا باب فعل
اعلم أن كل" فعل" إذا كان اسما ، معروفا في الكلام ، أو صفة ، فهو مصروف ، فالاسم المعروف في الكلام على ضربين ، أحدهما : أن يكون واحدا من جنس ، أو جمعا لواحد من جنس ، فالاسم الذي لواحد نحو : " صرد" ، و" جعل" ، و" خزز" ، و" سبد" ، اسم طائر وما أشبه ذلك ، والجمع نحو" ثقب" ، و" حفر" ، و" ظلم" وما أشبه ذلك إذا أردت جمع الثّقبة ، والحفرة والظّلمة ، والصفات نحو هذا رجل حطم ، كما قال الحطم القيسي :
قد لفّها اللّيل بسوّاق حطم (١)
وختع ، وسكع ، والختع : الدليل والسكع : الذي يتسكع في الأمر وإنما صرفت
__________________
(١) البيت في الكتاب ٣ / ٢٢٣ والمقتضب ١ / ٥٥ ـ ٣ / ٣٢٣ ، شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي ٢ / ٢٥٣ ، وابن يعيش ٦ / ١١٣.