الساكنين على اللفظ الذي استعمل فيها ، ولم تردّ إلى أصلها.
ومثله : ما رأيته مذ اليوم ، ومذ اليوم ، على ردّها إلى ضمّة منذ ، وكسرها لالتقاء الساكنين ، والكسر في أعطيتكم اليوم ، كالسّكون في أعطيتكمه.
هذا باب ما لا يجوز فيه الإضمار من حروف الجرّ
قال سيبويه : (وذلك الكاف التي في : أنت كزيد ، وحتى ، ومذ. وذلك أنهم استغنوا بقولهم : مثلي ، وشبهي عنه فأسقطوه.
واستغنوا عن الإضمار في حتى في قولهم : دعه حتى يوم كذا وكذا بقولهم : دعه حتى ذاك ، وبالإضمار في إلى إذا قالوا : دعه إليه ؛ لأنّ المعنى واحد ، كما استغنوا ب (مثلي) و (مثله) عن (كي) و (كه). واستغنوا عن الإضمار في مذ بقولهم : مذ ذاك ؛ لأنّ ذاك اسم مبهم ، وإنما يذكر حين يظن أنّك قد عرفت ما يعني. إلا أنّ الشّعراء إذا اضطروا أضمروا في الكاف ، فيجرونها على القياس.
قال العجّاج :
وأمّ أو عال كها أو أقربا (١)
وقال العجاج أيضا :
فلا ترى بعلا ولا حلائلا |
|
كه ولا كهنّ إلا حاظلا (٢) |
شبهوه بقولهم : له ولهن.
ولو اضطر شاعر وأضاف إلى نفسه قال : كي ، بكسر الكاف ، وكي بفتح الكاف خطأ ؛ من قبل أنه ليس من حرف يفتح ما قبل ياء الإضافة).
قال أبو سعيد : منع هذه الحروف من الإضافة إلى مكنيّ فيما ذكره سيبويه سماع من العرب ؛ لأنه ذكر أنهم استغنوا بقولهم : مثلي ، وشبهي ، عن إضافة الكاف ، واستغنوا بقولهم : حتى ذاك ، ومذ ذاك ، وإنما يريد أنّ العرب استغنوا بشيء عن شيء ، وليس لأحد أن يجيز ما استغنت العرب عن الكلام به ببدل جعلوه مكانه ، فيكون خارجا عن كلامها.
وعلّل أبو إسحاق الزّجّاج ذلك فقال : لم يجز الإضمار في حتى لأنه يقع ما بعدها
__________________
(١) البيت في ديوانه ٧٤ ، الخزانة ١٠ / ١٩٥ ، ١٩٦ ؛ ابن يعيش ٨ / ١٦ ؛ الكتاب ٢ / ٣٨٤.
(٢) البيت في ديوانه ، الخزانة ١٠ / ١٩٥ ، ١٩٦ ؛ الكتاب ٢ / ٣٨٤.