وإذا قال : هو يفعل ، أي هو في حال فعل ، فإن نفيه ما يفعل.
وإذا قال : هو يفعل ولم يكن الفعل واقعا فنفيه والله لا يفعل وإذا قال : ليفعلن فنفيه لا يفعل ، كأنه قال : والله ليفعلن فقلت : والله لا يفعل وإذا قال : سوف يفعل ، وسيفعل فإن نفيه لن يفعل.
قال أبو سعيد : حق نفي الشيء وإيجابه أن يشتركا في مواقعهما ، وأن لا يكون منهما فرق في أحكامهما إلا أن أحدهما إيجاب والآخر نفي ، وعلى هذا ساق سيبويه ما ذكره في هذا الباب فجعل (لم يفعل) نفي (فعل) لأن المضيّ يجمعهما في قولك : فعل أمس ، ولم يفعل أمس ، وأحدهما موجب ، والآخر منفي.
وإذا قال : قد فعل فنفيه لما يفعل لأنهما للحال ، ولما فيه تطاول تقول :
ركب زيد ، وقد لبس خفه ، وركب زيد ولما يلبس خفه ، فالحال قد جمعهما وأحدهما منفي ، والآخر موجب.
وإذا قلت : لقد فعل فنفيه ما فعل لأن قوله : لقد فعل جواب قسم ، فإذا أبطلته وأقسمت قلت : ما فعل وتقديره : والله لقد فعل ، وو الله ما فعل ، وإذا قال : هو يفعل أي هو في حال فعل لم يكن نفيه لا يفعل لأن لا يفعل موضوع للمستقبل ، فلا يكون نفي المستقبل نفيا للحال ولكن هو جواب هو يفعل للحال ما يفعل. وإذا كان هو يفعل للمستقبل فجوابه لا يفعل لاشتراكهما في الاستقبال. وباقي الباب على هذا ، وقد تكرر ذكره في مواضع من الكتاب.
هذا باب ما يضاف إلى الأفعال من الأسماء
يضاف إليها أسماء الدهر ، وذلك قولك : هذا يوم يقوم زيد ، وآتيك يوم يقول ذاك. وقال الله ـ عزوجل ـ : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ)(١) و (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)(٢). وجاز هذا في الأزمنة واطرد فيها ، كما جاز للفعل أن يكون صفة ، وتوسعوا كذلك في الدهر لكثرته في كلامهم.
فلم يخرجوا الفعل من هذا كما لم يخرجوا الأسماء من ألف الوصل نحو (ابن) وإنما أصله للفعل وتصريفه.
__________________
(١) سورة المرسلات ، الآية : ٣٥.
(٢) سورة المائدة ، الآية : ١١٩.