ولا فصل بينهما ؛ ولهذا قبّح سيبويه ما قاله يونس : أإن تأتني آتيك ، لأن يونس أجاز هذا مع ألف الاستفهام ، وهو قبيح إذا لم تكن قبله ألف الاستفهام ، فقبّحه سيبويه لأن ألف الاستفهام لا تغير المجازاة عن حكمها ، كما لا تغير (الذي) ، والابتداء حكم المجازاة بعدهما ، وقول الله ـ عزوجل ـ : (أَفَإِنْ مِتَ) [الأنبياء : ٣٤] شاهد لحسن المجازاة بمن وأخواتها بعد ألف الاستفهام ، كما أن فتح إن بعد إذ في : أتذكر إذ أن تأتني آتيك ، موجب قبح أتذكر إذ من يأتنا نأته ، ولو جعلت الفعل بعد أن ماضيا حسن لأنه يصير التقدير : أتذكر إذ آتيك إن أتيتني ، فيكون الذي يلي إذ آتيك ، وهو كلام وباقي الباب مفهوم.
هذا باب الجزاء إذا كان القسم في أوّله
وذلك قولك : والله إن أتيتني لا أفعل ، لا يكون إلا معتمدة عليه اليمين ، ألا ترى أنّك لو قلت : والله إن تأتني آتك لم يجز ولو قلت : والله من يأتني آته كان محالا ، واليمين لا تكون لغوا كلا والألف ، لأن اليمين لآخر الكلام ، وما بينهما لا يمنع الآخر أن يكون على اليمين.
وإذا قلت : أإن تأتني آتك ، فكأنك لم تذكر الألف ، واليمين.
وإذا قلت : أإن تأتني آتك ، فكأنك لم تذكر الألف ، واليمين وإذا قلت : أإن تأتني آتك فكأنك لم تذكر الألف واليمين ليست هكذا في كلامهم ، ألا ترى أنّك تقول : زيد منطلق ، فلو أدخلت اليمين غيّرت الكلام ، وتقول : أنا والله إن تأتني لا آتك ، لأن هذا الكلام مبني على (أنا) ، ألا ترى أنه حسن أن تقول : أنا والله إن تأتني آتك ، والقسم هاهنا لغو ، فإذا بدأت بالقسم لم يجز إلا أن يكون عليه ، ألا ترى أنكّ تقول : لئن أتيتني لا أفعل ذاك لأنها لام قسم ، ولا يحسن في الكلام لئن تأتني لا أفعل ، لأن الآخر لا يكون جزما.
وتقول : والله إن أتيتني آتيك ، وهو معنى لا آتيك ، فإن أردت أنّ الإتيان يكون ، فهو غير جائز ، وإن نفيت الإتيان ، وأردت أنّ المعنى لا آتيك فهو مستقيم ، وأما قول الفرزدق :
وأنتم لهذا الناس كالقبلة التي |
|
بها أن يضلّ الناس يهدى ضلالها (١) |
__________________
(١) البيت في ديوانه ٦٢٣ ، والكتاب ٣ / ٨٥.