في موضع نصب ب (عسى) وأنّ اسمها مضمر فيها مرفوع ، وجعله كقولهم : (عسى الغوير أبؤسا).
وحكي عنه أيضا أنه قدّم فيها الخبر لأنها فعل ، وحذف الفاعل لعلم المخاطب ، كما قالوا : ليس إلا ، وليس فعل صحيح لا يدخله الاختلاف بوجه من الوجوه ، وباقي الباب مفهوم.
هذا باب ما يحسن أن يشرك المظهر المضمر فيما عمل فيه ،
وما يقبح أن يشرك المضمر
فيما عمل فيه
قال سيبويه : " أمّا ما يحسن أن يشركه المظهر فهو المضمر المنصوب ، وذلك : رأيتك وزيدا ، وإنّك وزيدا منطلقان.
وأما ما يبح أن يشاركه المظهر فهو المضمر المرفوع ، وذلك : فعلت وعبد الله ، وأفعل وعبد الله.
وزعم الخليل أن هذا إنما قبح من قبل أنّ هذا الإضمار يبنى عليه الفعل ، فاستقبحوا أن يشرك المظهر مضمرا يغيّر الفعل فيه عن حاله إذ بعد شبهه منه.
وإنما حسنت شركته المنصوب لأنه لا يغيّر فيه الفعل عن حاله التي كان عليها قبل أن يضمر ، فأشبه المظهر وكان منفصلا عندهم بمنزلة المظهر ، إذ كان الفعل لا يتغّير عن حاله قبل أن يضمر فيه.
وأما فعلت فإنهم قد غيّروه عن حاله في الإظهار ؛ أسكنت فيه اللام ، فكرهوا أن يشرك المظهر مضمرا يبنى له الفعل على غير بنائه في الإظهار حتى صار كأنه شيء في كلمة لا يفارقها كألف أعطيت.
فإن نعتّه حسن أن يشركه المظهر ، وذلك قولك : ذهبت أنت وزيد ، وقال تعالى : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا)(١) ، (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(٢). وذلك أنك لمّا وصفته قوي الكلام حيث طوّله وأكّده ، كما تقول : قد علمت أن لا تقول ذاك ، فإن أخرجت (لا) قبح الرفع. ف (أنت) تقوّي ، وتصير عوضا من السّكون والتغيير
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٢٤.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٣٥.