فيه. كما ذكر في الباب الذي قبل هذا. فلو عطفت قبل أن تأتي بالمستثنى منه لكان سبيل المعطوف كسبيل الاسم الذي يلي (إلا) في النصب. كقولك : (ما لي إلا زيدا وعمرا صديق).
(ومن لي إلا أباك وزيدا صديق). فلما جاء بالمستثنى منه فكأنه قال : ما لي صديق إلا عمرو. ومن لي صديق إلا زيد.
وعلى ما مثله سيبويه إذا قال : ما لي إلا زيدا صديق فمعناه : زيد لي صديق. ثم عطف فقال : وعمرو لي. وإذا قال : من لي إلا أباك صديق ، فكأنه قال : أبوك لي صديق وزيد.
والنصب على لفظ الأول.
هذا باب تثنية المستثنى
وذلك قولك : ما أتاني إلا زيد إلا عمرا. ولا يجوز الرفع في عمرو. من قبل أن المستثنى لا يكون بدلا من المستثنى ، وذلك أنك لا تريد أن تخرج الأول من شيء تدخل فيه الآخر.
وإن شئت قلت : ما أتاني إلا زيدا إلا عمرو. فتجعل الإتيان لعمرو. ويكون (زيدا) منتصبا من حيث انتصب (عمرو).
فأنت في ذا بالخيار : إن شئت نصبت الأول ورفعت الآخر وإن شئت نصبت الآخر ورفعت الأول.
وتقول : (ما أتاني إلا عمرا إلا بشرا أحد) كأنك قلت : ما أتاني إلا عمرا أحد إلا بشر فجعلت (بشرا) بدلا من (أحد) ثم قدمت (بشرا) فصار كقولك : ما لي إلا بشرا أحد ؛ لأنك إذا قلت : ما لي إلا عمرا أحد إلا بشرا. فكأنك قلت : ما لي أحد إلا بشر.
والدليل على ذلك قول الشاعر وهو الكميت :
فما لي إلا الله لا رب غيره |
|
وما لي إلا الله غيرك ناصر (١) |
فغيرك بمنزلة : إلا زيدا.
وأما قوله وهو حارثة بن بدر الغداني :
يا كعب ما طلعت شمس ولا غربت |
|
إلا تقرب آجالا لميعاد |
__________________
(١) البيت في ابن يعيش ٢ / ٩٣ ، والمقتضب ٤ / ٤٢٤.