والقول الآخر : أن تنقص الثلاثة والأربعة جميعا من العشرة. وبعض الفقهاء يذهب إلى أن الاستثناءين يحطان من جملة ما أقر به إذا أمكن استثناؤه منه إن كان يمكن استثناء الثاني من الذي قبله كقولك : له علي عشرة دراهم إلا أربعة إلا درهما. نجعل الأربعة والدرهم جميعا مستثنين من العشرة فيصير عليه خمسة.
وعلى القول الأول المختار ينقص الدرهم من الأربعة وما يبقى وهو ثلاثة ينقص من العشرة فيبقى سبعة ، والاختيار ما ذكرناه أولا. وكرهنا الإطالة في ذلك والاحتجاج له لئلا نخرج عن غرض الكتاب.
وقوله :
ما لك من شيخك إلا عمله |
|
إلا رسيمه وإلا رمله (١) |
(إلا رسيمه) بدل من قوله : (إلا عمله). لأن رسيمه بعض عمله ، فتبدل كإبدال بعض من كل كقولك : نفعك عملك : رسيمك ورملك ، وهما ضربان من المشي يعني بهما في الطواف والسعي.
فالرمل في الطواف والرسيم : السعي بين الصفا والمروة.
هذا باب ما يكون مبتدأ بعد (إلا)
وذلك قولك : ما مررت بأحد إلا زيد خير منه ، كأنك قلت : مررت بقوم زيد خير منهم. إلا أنك أدخلت (إلا) لتجعل (زيدا) خيرا من جميع من مررت به.
ولو قال : مررت بناس زيد خير منهم لجاز أن يكون قد مر بناس آخرين هم خير من زيد. فإنما قال : ما مررت بأحد إلا زيد خير منه ؛ ليخبر أنه لم يمرر بأحد يفضل زيدا.
ومثل ذلك قول العرب : والله لأفعلن كذا وكذا إلا حلّ ذلك أن أفعل كذا وكذا.
فإن (أفعل كذا وكذا) بمنزلة فعل كذا وكذا وهو مبني على (حل) و (حل) مبتدأ ، كأنه قال : ولكن حل ذلك أن أفعل كذا وكذا.
وأما قولهم : والله لا أفعل إلا أن تفعل. فإن (تفعل) في موضع نصب والمعنى : حتى تفعل ، أو كأنه قال : أو تفعل والأول مبتدأ مبنّي عليه.
__________________
(١) سبق تخريجه.