قال كثير :
دع عنك سلمى إذا فات مطلبهما |
|
واذكر خليليك من بني الحكم (١) |
ما أعطياني ولا سألتهما |
|
إلا وأني لحاجزي كرمي |
مبدي الرضا عنهما ومنصرف |
|
عن بعض ما لو سألت : لم ألم |
لا أنزر المائل الخليل إذا |
|
ما اعتل نزر الظؤون لم ترم |
إنّي متى لا تكن عطيته |
|
عندي بما قد فعلت احتشم |
خليلاه من بني الحكم : عبد الملك وعبد العزيز ابنا مروان بن الحكم وكانا يعطيانه ويسألهما مشهور ذلك من فعله وفعلهما فقد تبين في هذه الأفعال ما قلناه. لأن قوله لا أنزر الخليل : لا ألح عليه في المسألة. فينفي عن مسألته ما يفتح من الإلحاح. وقوله :
أني متى لا تكون عطيته |
|
عندي بما قد فعلت احتشم |
أي : ما لم استوجب عطيته يعني : يمدح له أو غير ذلك من وجود الاستجاب. واحتشم واستحي من العطية. فقد دل على الإعطاء والسؤال. ولو كان ما قاله أبو العباس لم يكن عطاؤهما ومسألته لهما واقعا البته. ولم تكن الصورة على ذلك.
وإنما فتحت" أنّ" في : ما غضبت عليك إلا أنك فاسق" لأنها" في موضع اسم مخفوض أو منصوب كأنه قال : لفسقك. وقوله عزوجل : (" إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا") في موضع رفع لأنه فاعل" منعهم" كأنه : ما منعهم عن قبول نفقاتهم إلا كفرهم.
وقد مضى من تفسير هذا الباب ما أغني عن إعادته
هذا باب آخر من أبواب «إن»
تقول : أشهد إنك لمنطلق" فأشهد" بمنزلة قوله : والله إنك لذاهب و" إن" غير عاملة فيها" أشهد". لأن هذه اللام لا تلحق أبدا إلا في الابتداء.
ألا ترى أنك تقول : أشهد لعبد الله خير منك كأنه قال : والله لعبد الله خير منك. فصارت" إنّ" مبتدأة حين ذكرت" اللام" هاهنا ولم تكن إلا مكسورة كما أن
__________________
(١) ديوانه : ٢ / ٦٦ ، الموشح للمرزباني : ٢٩٧.