الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)(١) وإذا كانت بمعنى المصدر لم يدخلها" إن" لأن أصلها أن يكون بعدها فعل وفاعل. والمبتدأ والخبر مجردين من الدواخل عليهما بمنزلة الفعل والفاعل. فلم يدخلوا" إن" من أجل ذلك.
ومن الدليل على أنه يقع المبتدأ والخبر في الموضع الذي لا يقع فيه" إن" قولهم : " يوم الجمعة أنت ذاهب : وكيف أنت صانع؟ " وإنما جاز" يوم الجمعة أنت ذاهب" لأن الناصب (ليوم) هو" ذاهب" يعمل فيما قبل" أنت" كقولك : يوم الجمعة زيدا ضارب.؟ ولا يجوز زيدا أنك ضارب. وكذلك : " كيف" في موضع نصب على الحال والعامل فيه : (صانع) فإذا قلت : (أنك صانع بطل) عمل" صانع" فيما قبل" أن".
وباقي الباب مفهوم
هذا باب آخر من أبواب «إن»
تقول : ما قدم علينا أمير إلا إنّه مكرم لي. لأنه ليس هاهنا شيء يعمل في" إن" ولا يجوز أن تكون" أنّ" ، وإنما تريد أن تقول : ما قدم علينا أمير إلا هو مكرم لي. فكما لا تعمل في ذا لا تعمل في" أن" شئ ودخول اللام هاهنا يدلك على (ذلك) أنه موضع ابتداء قال الله عزوجل : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ)(٢) ومثل ذلك قول كثير :
ما أعطياني ولا سألتهما |
|
إلا وإنّي لحاجزي كرمي (٣) |
وكذلك لو قال : إلا وأني حاجزي كرمي ، وتقول : ما غضبت عليك إلا أنك فاسق كأنك قلت إلا لأنك فاسق ، وأما قوله عزوجل : (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ)(٤) فإنما حمله على" ما منعهم" ، وتقول : إذا أردت معنى اليمين : " أعطيته ما إنّ شره خير من جيد ما معك"" وهؤلاء إن أجبتهم لأشجع من شجعانكم" قال الله عزوجل : (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ٧٦.
(٢) سورة الفرقان ، الآية : ٢٠.
(٣) ديوان كثير ٢ / ٦٦ ، المقتضب : ٢ / ٣٤٥.
(٤) سورة التوبة ، الآية : ٥٤.