بمعنى : (وهذا ليا) ، فإنما جاز تقديم (ها) على الواو ؛ لأن (ها) تنبيه ، والتنبيه قد يدخل على الواو إذا عطف بها جملة على جملة كقولك : (ألا إنّ زيدا خارج) ، (ألا وإنّ عمرا مقيم) ، ونحو هذا ، فاعرفه إن شاء الله تعالى.
هذا باب علامة المضمرين المنصوبين
قال سيبويه : اعلم أنّ علامة المضمرين المنصوبين إيا ما لم يقدّر على الكاف التي في رأيتك ، وكما التي في رأيتكما ، وكم التي في رأيتكم ، وكنّ التي في رأيتكن ، والهاء التي في رأيته ، والهاء التي في رأيتها ، وهما التي في رأيتهما ، وهم التي في رأيتهم ، وهنّ التي في رأيتهن ، وفي التي في رأيتني ، ونا التي في رأيتنا.
فإن قدّرت على شيء من هذه الحروف في موضع لم توقع إيّا ذلك الموضع ؛ لأنهم استغنوا بها عن إيا ، كما استغنوا بالتاء وأخواتها في الرفع عن أنت وأخواتها.
قال أبو سعيد : هذه الضمائر المنصوبة المتصلة التي ذكرها سيبويه لا يجوز استعمال إيا مكانها ؛ لأنّ إيا منفصل ، وإنما تستعمل إيا في الموضع الذي لا يقع فيه المتصل ، وقد تقدم ذكر ذلك ، والباب مفهوم كلامه فيه.
هذا باب استعمالهم إيّا إذا لم يقع مواقع الحروف التي ذكرنا
قال سيبويه : فمن ذلك : إياك رأيت ، وإياك أعني ، فإنما استعملت إياك هاهنا من قبل أنك لا تقدر على الكاف. وقال الله عزوجل : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(١) من قبل أنك لا تقدر على كم هاهنا.
وتقول : إنّي وإيّاك منطلقان ؛ لأنك لا تقدر على الكاف. ونظير ذلك قوله تعالى : (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ)(٢).
فلو قدرت على الهاء التي في : رأيته لم تقل : إياه. وقال الشاعر :
مبرأ من عيوب النّاس كلّهم |
|
فالله يرعى أبا حرب وإيّانا (٣) |
لأنه لا يقدر على (نا) التي في رأيتنا. وقال آخر :
لعمرك ما خشيت على عديّ |
|
سيوف بني مقيّدة الحمار |
__________________
(١) سورة سبأ ، من الآية : ٢٤.
(٢) سورة الإسراء ، من الآية : ٦٧.
(٣) في الكتاب ٢ / ٣٥٦ ؛ وابن يعيش ٣ / ٧٥.