المنّي ؛ لأنه جار على كلام المتكلم ، والمنّي مشتمل على كلّ ما ينسب إلى أب ، ولا يحتاج في المنّي إلى ألف الاستفهام كما لو يحتج في من إلى ألف الاستفهام ، وإذا جعلت مكانها اسما منسوبا مبيّنا أدخلت ألف الاستفهام فقلت : آلقرشي أم الثقفي؟ ونحو ذلك ، وإذا أجاب المسؤول جاء بالجواب على لفظ إعراب المنّي ، وإن شاء رفع على إضمار هو. ولو قال : رأيت زيدا فأردت أن تقول : آلبصري أم الكوفي؟ لم يكن فيه لفظ مبهم كالمنّي ، ولا يجوز أن تقول المنّي ، فيقول في جوابه : المكي أو البصري وما أشبه ذلك من المنسوب إلى أسماء المدن ، ولم يأت ذلك إلا في المنّي ، لأنّ أكثر الأعراض للعرب في المسألة عن الأنساب ، والتناصر والتعادي عليها.
وذكر أبو بكر مبرمان قال : سألت أبا العباس يعني المبرّد : إذا قال لك رجل : رأيت زيدا وأردت أن تسأله عن صفته. قال أقول : المني ، كأني قلت : الظريفي أم العالمي؟ أم الصائغي؟ أم البزّازي؟ فإذا قال : رأيت الجمل ، فأردت أن تسأله عن صفته كيف تقول؟ قال : أقول : المائي والماوي ولا يحسن بأي لأنّ أيّا اختصاص وأنت إنما تسأله عن عموم.
قال أبو سعيد : وهذا تفريع من أبي العباس وقياس ، وعندي أنّ قائلا لو قال : رأيت الجمل ، وكان الجملّ ينسب إلى جماعة مختلفين من الناس مثل التميمي والمهدي والكلبي فأراد السؤال عن هذا النحو قال : المني ؛ لأنك إنّما تريد واحدا من الناس الذين ينسب الجمل إليهم ، وإن أراد النّسب إلى فحل أو إلى موضع لم يجز المني ، وعلى قياس قول أبي العباس يقال : المائي والماوي.
هذا باب إجرائهم صلة من وخبره إذا عنيت اثنين كصلة اللّذين
وإذا عنيت جميعا كصلة الذين
قال سيبويه : " فمن ذلك قوله عزوجل : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ)(١). ومثله فيما حدّثنا يونس قولهم : من كانت أمّك ، وأيّهنّ كانت أمّك ، ألحق تاء التأنيث لمّا عني المؤنث كما قال : يستمعون حين عني جميعا.
وزعم الخليل أنّ بعضهم قرأ : ومن تقنت منكن لله ورسوله [الأحزاب : ٣١] بالتاء ، فجعلها كصلة التي حين عنيت مؤنثا. فإذا ألحقت التاء في المؤنث ألحقت الواو والنون في الجميع.
__________________
(١) سورة يونس ، من الآية : ٤٢.