حسن. فالفصل قولك : " أن لك أنك تحيى وتكرم" والعطف قولك : " أن كرامتك عندي وأنك تعان" وعلى هذا قرأ من قرأ (وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا) (طه : ١١٩) ومن كسر استأنف ثم مثل فساد الجمع بين إنّ وأنّ فقال : ألا ترى أنك لا تقول : إن أنك ذاهب في الكتاب ولا : " قد عرفت أن إنك منطلق في الكتاب" معنى هذا : أن قولك في الكتاب" خبر أن" و" أنّ". و" أنك ذاهب"" اسم إنّ" وأنك منطلق اسم" أن" وفساد الجمع بين إنّ وأنّ وبين" أنّ وأنّ".
ولو فصل بينهما قال : " أن في الكتاب أنك ذاهب"" وقد عرفت أن في الكتاب إنك منطلق". لجاز وحسن الفصل بينهما. ومعنى هذا الكلام : إن الكتاب انطوى واشتمل معناه على أنه ذاهب وعلى أنه منطلق كما يقول القائل لصاحبه : في اعتقادي أنك راحل. وليس يريد حكاية لفظ الكتاب. وإنما يريد معنى ما في الكتاب. وقوله : (وكرهوا ابتداء" أن" لئلا يشبهوها بالأسماء التي تعمل فيها" إنّ" يعني : لم يجعلوها مثل زيد ونحوه من الأسماء التي تدخل عليها" أن" وتليها. وقد مضي الكلام فيه." ولئلا يشبهوها بأنّ" الخفيفة. لأن" أن" والفعل بمنزلة مصدر فعله يعني : مصدر الفعل الذي يلي" أن" كقولك : أريد أن تذهب" أي أريد ذهابك". ومن حيث ـ جاز أن تدخل على : " تذهب" فتقول : " إنّ أن تذهب خير لك من أنّ تقيم" كما تقول. أن الذهاب خير لك من الإقامة.
وإذا قال الرجل للرجل : لم فعلت ذاك؟ فقال : لم أنه ظريف. ففتح أن" لتقدير الكلام" فعلها" وإعادة" لم" لا يعتد بها المسئول كونه أعاد سؤال السائل وحكى لفظه ثم أجاب عنه. وأنّا قوله : أي أني نجد .. كأن إنسانا تكلم بشيء عرض فيه أنه نجد وشجاع. كرجل قال : أنا أسير بالليل وحدي في المفاوز فحكى عنه الحاكي هذا فقال قائل :
أي أنه نجد. فجعل" أي" عبارة عن معنى كلامه وأجراه مجرى القول.
" أنا أسير بالليل وحدي في المفاوز" بمنزلة (قال أني نجد). وإذا قال : أي أني نجد. كأنه قال : أي لأني نجد.
هذا باب آخر من أبواب «أن»
تقول : ذلك وأن لك عندي ما أحببت. وقال الله عزوجل : (ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ