بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)(١) " فإن" صلة لما كأنك قلت : ما والله أن شره خير من جيد ما معك.
قال أبو سعيد : الحال إذا كانت بمبتدأ وخبر جاز بالواو وبغير الواو كقولك : جاء زيد وهو راكب وجاء زيد هو راكب ويجوز دخول" أن" على المبتدأ والخبر كقولك : جاءني زيد وأنه ليفرق وجاءني زيد وأن أباه ينظر إليه وجاز أيضا إخراج" الواو" من" أن" كقولك : جاءني زيد أن أباه ينظر إليه. وتقع الحال بعد إلا مما قبلها بجملة وغير جملة.
فأما غير الجملة فقولك : ما جاء في زيد إلا راكبا. وما قدم علينا عمرو إلا أميرا.
وأما الجملة فقولك : " ما قدم علينا عمرو إلا هو أمير وإن شئت قلت : " إلا وهو أمير".
وإن شئت قلت : إلا أنه أمير وإن شئت قلت : إلا وإنه أمير وإدخال اللام في خبر" إن" وإخراجها سواء. وقوله عزوجل : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ)(٢). تقديره : وما أرسلنا أحد من المرسلين. والمعنى : ما أرسلنا المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام.
والبيت الذي أنشده سيبويه. كان أبو العباس المبرد يرده على سيبويه ويقول : تقدير سيبويه في العربية صحيح ولكنه غلط في معنى الشعر ويرويه :
ألا فإني حاجز كرمي
" إلا التي للتنبيه في أول الكلام" كأن أبا العباس ذهب إلى أنهما ما أعطياه وأنه ما سألهما ثم ابتدأ يصف نفسه بأنه يحجزه عن سؤالهما كرمه. ولو كانت إلا مكسورة وما بعدها كأنا قد أعطياه وسألهما في حال. كما حجزه كرمه.
وهذا لا يجوز عندي : لأن الحاجز من الكرم إنما يحجز عن السؤال وقبول العطية.
قال أبو سعيد : والذي عندي أن" إلا" أجود لأنها توجب أنهما أعطياه وأنه سألهما وما حجزه كرمه عنده أنه ما عاب أعطاه هما ولا ألح عليهما في مسألته وشعره يدل على ذلك.
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ٧٦.
(٢) سورة الفرقان ، الآية : ٢٠.