وترك العلامة في ضرب. وقال الله تعالى : (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا)(١) ؛ حسن لمكان لا ، وقد يجوز في الشعر ؛ قال أبو الحسن : سمعته من يونس لابن أبي ربيعة :
قلت إذ اقبلت وزهر تهادى |
|
كنعاج الملا تعسّفن رملا (٢) |
واعلم أنه قبيح أن تصف المضمر في الفعل بنفسك وما أشبهه ، وذلك أنه قبيح أن تقول : فعلت نفسك ، إلا أن تقول : فعلت أنت نفسك. فإن قلت : فعلتم أجمعون حسن ؛ لأنّ هذا يعمّ به ، وإذا قلت : نفسك فإنما تؤكّد الفاعل ، ولمّا كانت نفسك يتكلم بها مبتدأة وتحمل على ما يجرّ وينصب ويرفع شبّهوها بما يشرك المضمر ، وذلك قولك : نزلت بنفس الجبل ، ونفس الجبل مقابلي ، ونحو ذلكن وأمّا أجمعون فلا تكون إلا صفة ، وكلّهم قد تكون بمنزلة أجمعين ؛ لأنّ معناه معنى أجمعين فهي تجرى مجراها.
وأمّا علامة الإضمار التي تكون منفصلة من الفعل ولا تغيّر ما عمل فيها عن حاله إذا أظهر فيه الاسم فإنه يشركه المظهر لأنّه لا يشبه المظهر ، وذلك قولك : أنت وعبد الله ذاهبان ، والكريم أنت وعبد الله.
واعلم أنه قبيح أن تقول : ذهبت وعبد الله ، أو ذهبت وأنّا ؛ لأنّ أنا بمنزلة المظهر. ألا ترى أن المظهر لا يشركه إلا أن يجئ في شعر ، قال الشّاعر (وهو الراعي):
فلمّا لحقنا والجياد عشيّة |
|
دعوا يا لكلب واعتزينا لعامر (٣) |
ومما يبح أن يشركه المظهر علامة المضمر المجرور ، وذلك قولك : مررت بك وزيد ، وهذا أبوك وعمرو ؛ فكرهوا أن يشرك المظهر مضمرا داخلا فيما قبله ؛ لأنّ هذه العلامة الداخلة فيما قبلها جمعت أنها لا يتكلّم بها إلا معتمدة على ما قبلها في اللفظ ، وأنها بدل من اللفظ بالتنوين ، فصارت عندهم بمنزلة التنوين ، فلما ضعف عندهم كرهوا أن يتبعوها الاسم ، ولم يجز أن يتبعوها إيّاه وإن وصفوا ؛ لا يحسن أن تقول : مررت بك أنت وزيد ، كما جاز فيما أضمرت في الفعل ؛ لأنّ ذاك وإن كان قد
__________________
(١) سورة الأنعام ، الآية : ١٤٨.
(٢) البيت في ديوانه ٤٩٢ ؛ شرح المفصل ٣ / ٦٧ ؛ الكتاب ٢ / ٣٧٩.
(٣) البيت في ديوانه ، الكتاب ٢ / ٣٨٠ ؛ ولسان العرب ؛ وتاج العروس (عزا) ، (عمر).