فإن قال : الذي إن تأته يأتيك زيد ، واجعل يأتيك صلة الذي لم يجد بدا من أن يقول : أنا إن تأتني آتيك ؛ لأن أنا لا يكون كلاما حتى يبنى عليه شيء وأما يونس ، فيقول : أإن تأتني آتيك ، وهذا قبيح يكره في الجزاء.
وإن كان في الاستفهام ، وقال الله تعالى ـ : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ)(١) ولو كان ليس موضع جزاء قبح (إن) كما تقبح أن تقول : أتذكر إن تأتني آتيك ، فلو قلت : إن أتيتني آتيك على القلب كان حسنا.
قال أبو سعيد : ألف الاستفهام تدخل على الجمل ، وتدخل بين العامل والمعمول فيه ، ولا تعمل هي شيئا ، فأشبهت واو العطف ، وفائه التي يكون بعدها المبتدأ والخبر ، والفعل والفاعل ، والشرط والجزاء ، وأشبهت أيضا (لا) التي تدخل على الجمل ، وبين العامل والمعمول فيه ، وهي لا تعمل شيئا ، كقولنا : لا زيد منطلق ولا عمرو شاخص ، ومررت برجل لا ذاهب ولا شاخص ، وهذا غلام لا شجاع ولا جواد ، وقد تقدم ذكر المجازاة بعد (لا).
وتقول : بكم رجلا مررت أثلاثة أم أربعة فلا تمنع الألف خفض ما بعدها بما قبلها ، وإذا قال القائل : مررت بزيد ، فقيل له : أزيد ، فهذا المخفوض محمول على الكلام الأول.
وفصل سيبويه بين ألف الاستفهام وبين هل بما ذكره في الألف مما ليس في هل ، وقوله : ((ألا ترى أن الألف لغو)) يريد دخولها بين العامل والمعمول فيه ، كدخول ما ، ولا في قول الله ـ تعالى ـ : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ)(٢).
وأما قول سيبويه : ((إن هذا الكلام معتمد لها)) يعني ما بعد ألف الاستفهام من الشرط والجزاء معتمد لها ، كما يعتمد على الابتداء والخبر في قولك : أزيد منطلق ، وكما يعتمد الذي في صلتها على الشرط والجزاء ، والابتداء والخبر ، إلا أن (الذي) يحتاج إلى عائد ، لأنها اسم وألف الاستفهام لا تحتاج إلى العائد ، ولا يحسن أن تقول : الذي إن تأته يأتيك زيد ، كما لا يحسن أنا إن تأتني آتيك ، لأنك إن قدرت الفاء في آتيك ، فحذفها قبيح ، وإن قدرت تقديمها فجزم تأتيني قبيح وليس بعدها جواب ، وحسن هذا وقبحه وهو في الصلة ، أو في موضع خبر مبتدإ كحسنه وقبحه لو كان مبتدأ ، إذا قلت إن تأتني آتيك
__________________
(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٣٤.
(٢) سورة النساء ، الآية : ١٥٥.