كان ليس مثله. وقد بيّنّا ذلك فيما مضى ، وستراه إن شاء الله فيما بقي.
وزعم يونس أنه يقول : أعطيتكمه ، وفي نسخة أبي العباس أعطيكمها كما تقول في المظهر ، والأوّل أكثر وأعرف".
قال أبو سعيد : إنما كسروا الاسم مع الظاهر وفتحوها مع المضمر ؛ لأنّ حروف الظاهر وصيغتها لا تتغيّر بتغيّر الإعراب ، ولا تدل على مواضعه من الرفع والنصب والجرّ ، وحروف المضمرات بأنفسها تدلّ على مواضعها من الإعراب ؛ فلذلك كسروا اللام مع الظهر ؛ لأنهم لو فتحوها لم يعلم أهي لام الإضافة والملك الخافضة ، أم لام التوكيد. وذلك في قولنا : إنّ هذا لزيد ، إذا كان المشار إليه هو زيد ، وإنّ هذا لزيد ، إذا كان المشار إليه ملك زيد ؛ فكسروا اللام الخافضة ليزول اللّبس ، وأصلها الفتح ؛ لأنّ الباب في الحروف المفردة أن تبنى على الفتح ، فإذا وصلتها بالمكنيّ عادت إلى أصلها من الفتح ، وذلك في قولك : إنّ هذا لك ، وإنّ هذا له ، وإنّ هؤلاء لنا ؛ لأنك تقول في مكنيّ المجرور والمرفوع ، فأغني عن كسر اللام ، فأجريت على أصلها من الفتح ، وقد ذكر هذا في غير هذا الموضع. وكذلك فتحوا لام المستغاث به حين علم أنه لا يقع في النّداء لام التوكيد ، وفي لام الاستغاثة المفتوحة وجه آخر قد ذكرناه في موضعه ، وجعل هذا سيبويه مقوّيا لما تردّه علامة الإضمار إلى أصله.
وقالوا : أعطيتكم والأصل : أعطيتكمو ؛ لأن الواو بعد الميم في الجمع بمنزلة الألف بعد الميم في التثنية إذا قلت : أعطيتكما ، وإنما حذفوا الواو وأسكنوا الميم تخفيفا لأنه لا لبس فيه لأن الواحد لا ميم فيه ، والاثنين لا تفارقهما الألف لخفتها ، ومما يزيد في ثقل الواو طرفا وقبلها ضمّة أنّ مثل لفظه لا يقع في الأسماء ، وإن عرض فيها غيّر إلى الياء كقولهم : أدل وأجر ، وأصلهما : أدلو وأجرو.
وإنما ردّه الضمير إلى أصل البنية في أعطيتكموه ، وأعطيكموه ؛ لأن الضمير لما اتصل بها صارت الواو التي بعد الميم كأنّها في الوسط لا في الطّرف ، والحذف من الأطراف أحسن وأكثر وأسهل من حذف غير الأطراف لعلل قد ذكرت في موضعها.
والذي حكاه يونس من قولهم : أعطيتكمه قد بني على الظاهر إذا قلت : أعطيتكم ثوبا ، أو على أنه لما كثر استعمالهم أعطيتكم صار كأنه بني على السكون ، ثم اتصلت به الكناية كقوله : اضربه ، وما أشبههه ، وإذا أضفته إلى ما فيه الألف واللام فأكثرهم يردّه إلى الأصل فيضمه ، ويقول : أعطيتكم اليوم ، فيضمّ الميم ؛ لمّا اضطر إلى تحريكها حركها بحركتها في الأصل ، ومنهم من يكسر الميم فيقول : أعطيتكم اليوم ، فيكسر لالتقاء