نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين لتغير المعنى ، وصار جوابا على معنى : متى وقع الرد لم يقع التكذيب.
كقولك لا تضرب زيدا فيؤذيك ، ومعناه : متى وقع الضرب أدى إلى الأذى ، وتقديره : يا ليتنا يكون لنا رد وترك تكذيب.
وأما قول الشاعر :
للبس عباءة وتقرّ عيني (١)
فلا بد من نصبه ، لأن قوله (للبس) مبتدأ ، و (تقر) عطف عليه ، بمعنى : وأن تقرّ عيني ، و (أحب إليّ) خبر لهما ، وقد فضلا مجتمعين على (لبس الشفوف). ولو انفرد أحدهما بطل المعنى المراد ، لأنه لم يرد : للبس عباءة أحب إليّ من لبس الشفوف ، وهي الرقاق من الثياب ، ولبس ذلك مما يختاره الناس ، فمعناه : للبس عباءة مع قرة العين والسرور أحب إليّ من لبس الناعم ، كما تقول : خبز الشعير مع السرور أحب إلىّ من خبز الجواري ؛ فلما كان المعنى يضطر إلى ضم (تقر) إلى (لبس) ليكون أحب لهما ، اضطر إلى إضمار (أن) والنصب وأما (يغضب منه) فإن الأجود فيه الرفع ، وهو في صلة (الذي) عطفا على موضع (لبس) ، وتقديره : الذي لا ينفعني ويغضب منه صاحبي ، وعطفه على موضع (لا) ؛ فهذا وجه ظاهر ، قريب المتناول ، صحيح المعنى ، والنصب متأول ومعناه على ظاهره غير صحيح ، لأنا إذا نصبناه قدرناه معطوفا على (الشيء) ، وليس الشيء بمصدر ظاهر فيسهل عطفه عليه ؛ فإذا عطفناه صار في موضع خفض باللام ، واللام في صلة (قؤول) ، فيصير التقدير : ما أنا لغضب صاحبي يقؤول ، والغضب لا يكون مفعولا للقول ؛ وباب جوازه : وما أنا للقول الذي يوجب غضب صاحبي بقؤول.
ورد أبو العباس المبرد (٢) على سيبويه تقديمه النصب على الرفع. والذي عندي أن سيبويه لم يقدم النصب على الرفع.
قال أبو سعيد : والذي عندي أن سيبويه لم يقدم النصب لأن النصب هو المختار عنده ، ولكن الباب للنصب دون الرفع ، وإنما قدم ما يقتضيه الباب وما القصد إلى
__________________
(١) صدر بيت سبق تخريجه.
(٢) هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي ، أبو العباس المعروف بالمبرد إمام العربية ببغداد في زمانه ، وأحد أئمة الأدب مولده بالبصرة ٢١٠ ه من كتبه الكامل ، المذكر والمؤنث ، التعازي والمراثي ، إعراب القرآن. توفي ٢٨٦ ه.