أي : ناظر متى أشرف. فجاز هذا في الشعر ، وشبّهوه بالجزاء إذا كان جوابه منجزما ؛ لأن المعنى واحد ، كما شبه (الله يشكرها) و (ظالم) ب (إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) [الروم : ٣٦] جعله بمنزلة : يظلم ، ويشكرها الله ، كما كان هذا بمنزلة (قنطوا) ، وكما قالوا في اضطرار : إن تأتني أنا صاحبك ، يريد معنى (الفاء) ، فشبّهه ببعض ما يجوز في الكلام حذفه وأنت تعنيه.
وقد يقال : إن أتيتني آتك ، وإن لم تأتني أجزك ، لأن هذا في موضع الفعل المجزوم ؛ فكأنه قال : إن تفعل أفعل ؛ ومثل ذلك قول الله ـ جل وعز ـ : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها)(١).
فكان فعل ، وقال الفرزدق :
دسّت رسولا بأنّ القوم إن قدروا |
|
عليك يشفوا صدورا ذات توغير (٢) |
وقال الأسود بن يعفر :
ألا هل لهذا الأمر من متعلل |
|
عن النّاس مهما شاء بالنّاس يفعل (٣) |
وقال : إن تأتني فأكرمك ، أي : فأنا أكرمك ، فلا بد من رفع (فأكرمك) إذا سكت عليه لأنه جواب ، وإنما ارتفع لأنه مبني على مبتدأ. ومثل ذلك قول ـ الله تعالى ـ : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ)(٤) ، ومثله قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً)(٥) ومثله قوله ـ عزوجل ـ : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً)(٦).
قال أبو سعيد : فرّق سيبويه بين (حيثما) وبين (إذ ما) ، فجعل (حيثما) في حيز الظروف التي يجازى بها ، فهي اسم مثل : أين ، ومتى ؛ وجعل (إذ ما) في حيز الحروف ، لأنه ذكر ما كان من غير الأسماء والحروف ، فذكر (إن) و (إذ ما) ، والفرق بينها أن (إذ) لما ضممت إليها (ما) وجوزى بها ، خرجت عن معناها ، لأنها كانت من قبل دخول (ما) عليها لما مضى من الزمان ، وبعد دخولها للمستقبل ك (إن) ؛ وقد يركّب الشيآن
__________________
(١) سورة هود ، الآية : ١٥.
(٢) البيت في ديوانه ٢١٣ ، والكتاب ٣ / ٦٩.
(٣) البيت في ديوانه ٥٦ ، والكتاب ٢ / ٢٤٦.
(٤) سورة المائدة ، الآية : ٩٥.
(٥) سورة البقرة ، الآية : ١٢٦.
(٦) سورة الجن ، الآية : ١٣.