خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ)(١) ولم يقل : وعسيتم أن تكرهوا.
واعلم أن مذهب سيبويه في" أن" بعد" لو" : أنه مبتدأ. منزلتها في التقدير كمنزلتها بعد" لو لا" إذا قلت : لو لا أنه ذاهب وأنه محذوف الخبر وأنه لا يستعمل في موضع" أن" بعد لو المصدر. كما لا يستعمل بعد" لو لا" لأن" لو لا" يقع الاسم بعدها. و" لو" لا يقع بعدها الاسم وإنما يقع بعدها الفعل فشبه بها في" أن" وحدها دون الاسم لأن" أن" مشبه بالفعل وليس لفظها لفظ اسم محض.
وجاز تشبيه" لو" ب" لو لا" في ذلك : لأن" لو لا" يليها المبتدأ والخبر و" لو" يليها الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر والفعل والفاعل يؤول معناها إلى شيء واحد.
وإنما ذكره سيبويه : لأن" أنه ذاهب" بعد" لو" وإن كان تقديرها تقدير المصدر فلا يجوز وضع المصدر موضعه في اللفظ حجة في أنه لا يجوز ذكر المصدر في : " عسى" مكان" أن" وكذلك" كاد زيد يخرج" و" عسى زيد يخرج" معنى الفعل فيها إذا لم تذكر" أن" مع اسم الفاعل ولا يجوز وضع الفاعل موضعه فيقال : " كاد زيد فاعلا". لأن من كلامهم الاستغناء بالشيء عن الشيء.
من يقول من العرب : " عسى زيد" يجرى" عسى" مجرى" كأن" ويجعل الفعل في موضع خبره كأنه قال : عسى زيد فاعلا. كما قيل في المثل : " عسى الغوير أبوسأ". والباب فيها" أن" لما ذكرت لك. ولا يكاد معرف إسقاط" أن" منها إلا في شعر. والباب في" كاد" إسقاط" أن" لأنك إذا قلت : كاد يفعل. فإنما تقوله لمن هو على تحد لفعلك كالداخل فيه. وسبيل المستقبل أن يكون في كونه مهلة. وقد يجوز في كاد إدخال" أن" تشبيها بعسى.
ومما يحتج به لحذف" أن" في (عسى) أن عسى للمستقبل وقد يكون بعض المستقبل أقرب إلى الحال من بعض فإذا قال : عسى زيد يقوم. كأنه من الحال حتى أشبه" عسى" وقد تدخل" أن" على خبر" لعل" إذا كان فعلا. والباب فيه سقوط" أن" لأنه من باب" أن" و (كان). وإنما تدخل" لعل عند الشك ويقول : إن زيدا في الدار متيقنا. يقول إذا كان شاكا. لعل زيدا في الدار. وكذلك يقول المتيقن : إن زيدا يأكل.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٢١٦.