أنها لإبل أم شاه.
تقريرها : أم هي شاه لأن قوله : " أنها لإبل" إخبار وهو كلام تام ، وقوله : " أم شاه" استفهام عند شك عرض له بعد الإخبار ولا بد من إضمار" هي".
ولو ذكرت في موضع" أم" المنقطعة" ألف" الاستفهام لجاز ولم يتغير المعنى. كقولك : أنها لإبل أشاه؟ وكذلك : " أيقولون افتراه" مكان : " أم يقولون افتراه".
فإذا كانت" بأم" فهي معطوفة.
وإذا كانت" بالألف" فهي مستأنفة غير معطوفة. واختاروه" بأم" لأن فيها رجوعا عن الأول وإبطالا له كما يكون في" بل".
وإذا كانت باستفهام مستأنف لم يكن بينهما وبين الأول علقة.
وقد شبه النحويون" أم" في هذا الوجه ب" بل" ولم يريدوا أن ما بعد" أم" محقق كما يكون ما بعد" بل" محققا.
وإنما أرادوا أن" أم" استفهام بعد كلام يتقدمها كما أن" بل" تحقيق مستأنف بعد كلام يتقدمها.
والدليل على أنها ليست بمنزلة" بل" مجردة قوله عزوجل : (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ)(١) لا يجوز أن يكون بمعنى : بل اتخذ مما يخلق بنات. تعالى الله عن ذلك. وتقديره في اللفظ : " أأتخّذ" بالألف للاستفهام والمعنى : الإنكار والرد لما ادعوه. لأن ألف الاستفهام قد تدخل للتقرير والرد والإنكار والتوبيخ والتوعد فتدخل على النفي فتصيره إيجابا في التقرير كقوله عزوجل : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)(٢) وقوله عزوجل : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ)(٣).
والرد نحو قوله تعالى : (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ)(٤)؟ رد على من ادعى ذلك ونبه إليه.
والإنكار : نحو قوله أمقيما ونحن راحلون؟ و" أقياما وقعد قعد الناس؟ " ونحو
__________________
(١) سورة الزخرف ، الآية : ١٦.
(٢) سورة الانشراح ، الآية : ١.
(٣) سورة التغابن ، الآية : ٥.
(٤) سورة الزخرف ، الآية : ١٦.