ثم قال :
ولكنّما أهلي بواد أنيسه |
|
ذئاب تبغّى الناس مثنى وموحد (١) |
فوصف ذئابا بمثنى وموحد.
قال سيبويه : " وإذا صغرت" ثناء" أو" أحاد" صرفته ، كما صرفت" عمر" و" أخر" إذا حقرتهما".
وقولنا : " قال" و" قيل" وإن كان أصله" قول" و" قول" لا يدخل في العدل وإنما هو من باب التخفيف كقولنا في علم : علم وفي ظرف : ظرف ، تخفيفا ، وليس من باب العدل ؛ لأن في العدل توكيد معنى أو نقله من لفظ إلى لفظ أو تغيير قياس فيه لمعنى يدعو إليه على ما ذكرناه من وجوه العدل. وليس" عمر" بمحذوف من" عامر" كما أن" ميت" محذوف من ميّت ، لأن" عمر" قد غيرنا اللفظ فيه ، وضممنا أوله ، ولم يغير في" ميت" أكثر من أن حذفت الياء المتحركة منه ، ومخالفة بناء" عمر" لعامر كمخالفة مثنى لاثنين.
قال : " وإذا سميت رجلا ب" ضرب" ، ثم خففته ، فأسكنت الواو صرفته ؛ لأنك قد أخرجته إلى مثال ما ينصرف ، كما صرفت" قيل" وصار تخفيفك ل" ضرب" كتحقيرك إياه ؛ لأنك تخرجه إلى مثال الأسماء ، ولو تركت صرف هذه الأشياء في التخفيف للعدل لما صرفت اسم" هار" لأنه محذوف من هاير".
وقد خالفه أبو العباس محمد بن يزيد في تخفيف" ضرب" فقال : إذا خففنا" ضرب" قبل التسمية فقلنا : " ضرب" ثم سمينا به مخففا ، فإنه ينصرف ، وإن سميناه ب" ضرب" ثم خففناه لم ينصرف ؛ لأننا ننوي" ضرب" في التسمية.
وفرّق بين" ضرب" إذا خففناه بعد التسمية وبين" قيل" وذلك أن قيل لم يستعمل فيه قول ، وإنما يبنى على التخفيف ، والتخفيف فيه لازم ، وليس بلازم في ضرب.
وقال المحتج عن سيبويه : إن المانع من صرف" ضرب" اللفظ الذي ليس في الأسماء نظيره ، فإذا زال اللفظ إلى ما له نظير انصرف ، كما ينصرف إذا حقرته.
واستدل سيبويه أنه ليس الحذف في كل حال للعدل بأن" هار" مخفف عن" هائر" محذوف الهمزة وليس بمعدول ، ولا ممنوع الصرف فاعرفه إن شاء الله.
__________________
(١) البيت في الكتاب ٣ / ٢٢٥ ، والمقتضب ٣ / ٣٨١ ، وابن يعيش ١ / ٦٢.