يقام (مثل) و (غير) مقام المنعوت في قولك :
مررت بمثل زيد. وبغير زيد. تريد : برجل مثل زيد. وبرجل غير زيد.
لأن (مثلا) و (غيرا) اسمان ينعت بهما. وهما يتصرفان تصرف الأسماء والأحرف.
وإنما ينعت بهما حملا على (غير) لأن (غير) قد حمل عليه في الاستثناء. فلما كان نفس (غير) إذا لم تكن قبلها اسم لم يكن نعتا. إذ النعت يقتضي منعوتا قبله. لم يكن المشبه به نعتا.
وليس باسم يلحقه ما يلحق الأسماء من دخول حرف الجر عليه فلم يجز : (ما مررت بإلا زيد) كما جاز : (ما مررت بمثل زيد) و (بغير زيد).
ومما يوصف به ، ولا يقوم الموصوف مقام الأسماء والأفعال والظروف غير المتمكنة والجمل.
تقول : مررت برجل يضحك. ومررت برجل عندك. ومررت برجل أبوه جمال.
ولا تقول : مررت بيضحك. ولا (مررت بعندك). ولا (مررت بأبوه جمّال).
وقوله : وكل أخ مفارقه أخوه إلا الفرقدان
فتقديره : فكل أخ إلا الفرقدان مفارقه أخوه.
و (إلا) صفة ل (كل) و (مفارقه) خبر. ولو كان صفة (لأخ) لقال : (إلا الفرقدين) لأن ما بعد (إلا) يعرب بإعراب (غير) الذي يقع في موقعه. فالمرفوع نعت (كل) والمخفوض نعت (أخ). وهذا الشاعر الجاهلي لا يقول بالبعث ولا بفناء الدنيا. ويجوز أن يكون أراد : لا يتفرقان ما دامت الدنيا.
وقد كنت ذكرت في بعض أبواب الجر ما يجوز نعته من المعارف (بغير) وحكم (غير) من التعريف والتنكير بما أغني عن إعادته.
وقوله : وإذا قلت : ما أتاني أحد إلا زيد ، فأنت بالخيار إن شئت جعلت (إلا زيدا) بدلا. وإن شئت جعلته صفة. وقد مضى الكلام على هذين الوجهين.
قال : ولا يجوز رفع زيد على (إلا أن يكون).
كأن قائلا اعتقد أن زيدا في قولنا : ما قام أحد إلا زيد (يرتفع بأن تقدر بعد (إلا) أن يكون زيد فيرتفع زيد. ب (يكون) فأنكر سيبويه ذلك وقال : (أن يكون) اسم و (زيد) من تمامه. وهو بمنزلة الموصول الذي يكون هو وصلته بمنزلة اسم واحد.
فبعض الاسم قد حذف. وهو (أن يكون) وبقية الاسم : (زيد) ولا يجوز حذف الموصول وترك بعض صلته.